للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما يتذكر بها إلا من يخاف وعيد الله تعالى، وشديد عذابه، وهذا نحو قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. وكان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعودك، يا برّ يا رحيم، وأما من لا يخاف وعيدنا، فنفعل بهم ما يوجبه أقوالهم، وتستدعيه أعمالهم من ألوان العقاب، وفنون العذاب.

فائدة: كان (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بسورة ق في كثير من الأوقات؛ لاشتمالها على ذكر الله تعالى، والثناء عليه، ثمّ على علمه بما توسوس به النفوس، وما تكتبه الملائكة على الإنسان من طاعة وعصيان، ثم تذكير الموت وسكرته، ثم تذكير القيامة وأهوالها، والشهادة على الخلائق بأعمالهم، ثمّ تذكير الجنة والنار، ثمّ تذكير الصيحة والنشور والخروج من القبور، ثم بالمواظبة على الصلوات.

قال السيوطي في كتاب "الوسائل": أوّل من قرأ في آخر الخطبة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} الآية. عمر بن عبد العزيز، ولزمها الخطباء إلى عصرنا هذا، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ق، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)} إلى قوله: {مَا أَحْضَرَتْ} وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقرأ: الكافرون والإخلاص، ذكر ذلك ابن الصلاح، وفي الحديث: "من قرأ سورة ق ... هوَّن الله عليه تارات الموت وسكراته" قيل: تارات الموت إفاقاته وغشياته، كما في "حواشي سعدي المفتي".

الإعراب

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣)}.

{وَأُزْلِفَتِ}: {الواو}: عاطفة، أو استئنافية. {أزلفت الجنة}: فعل ونائب


(١) روح البيان.