للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتسمع، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن: أنه قال فيها: بلغني: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قاتل الله قومًا أقسم لهم ربّهم، ثمّ لم يصدّقوه".

وقال بعض الحكماء (١): معناه: كما أنّ كل إنسان ينطق بلسان نفسه، لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره، كذلك كل إنسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له، لا يقدر أن يأكل رزق غيره.

٢٤ - والاستفهام في قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} للتعجيب (٢) والتشويق إلى استماعه، ومثله لا يكون إلا فيما فيه فخامة، وعظيم شأن، وفي هذا الاستفهام تنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير طريق الوحي، إذ هو أمّي لم يمارس الخط وقراءته، ولم يصاحب أصحاب التواريخ، ففيه إثبات نبوّته، قال ابن الشيخ: الاستفهام للتقرير؛ أي: قد أتاك، وقيل: إن لم يأتك .. نحن نخبرك، والضيف في الأصل مصدر ضافه إذا نزل به ضيفًا، ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم، وقد يجمع على أضياف وضيوف وضيفان.

وبدأ بقصّة إبراهيم، مع كونها متأخرة عن قصة عاد وغيرها، هزمًا للعرب؛ لأنّه كان أباهم الأعلى، وصارت الضيافة متعارفة في القرى، وكان ضيفه اثني عشر ملكًا، منهم: جبريل ومكيائيل وإسرافيل وزقائيل، وتسميتهم ضيفًا؛ لأنّهم كانوا في صورة الضيف، حيث أضافهم إبراهيم، أو لأنّهم كانوا في حسبانه كذلك.

{الْمُكْرَمِينَ} صفة للضيف؛ أي: المكرمين عند الله سبحانه بالعصمة والتأييد والاصطفاء والقربة والسفارة بينه تعالى وبين الأنبياء، كما قال: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}. أو المكرمين عند إبراهيم بالخدمة، حيث خدمهم بنفسه وبزوجته، وأيضًا بطلاقة الوجه، وتعجيل الطعام، وقيامه على رؤوسهم، وكان لا يقوم على رؤوس الضيف، وقرأ عكرمة: {المكرمين} بالتشديد، وفي الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر .. فليكرم ضيفه" قيل: إكرامه تلقّيه بطلاقة الوجه،


(١) الخازن.
(٢) روح البيان.