للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أعمالهم، وأيضًا قلبوا الحقيقة وعكسوها بأن تركوا محل الحرث، وأتوا الأدبار.

{إِلَّا آلَ لُوطٍ} وهم أهل بيته الذين نجوا من العذاب، وكانوا ثلاثة عشر. وقيل: يعني: لوطًا وابنتيه. وفي "كشف الأسرار": يعني: بناته، ومن آمن به من أزواجهن. {نَجَّيْنَاهُمْ}؛ أي: نجينا آل لوط {بِسَحَرٍ}؛ أي: في سحر (١) من الأسحار. وهو آخر الليل، أو السدس الأخير منه. وانصرف "سحر"؛ لأنّه نكرة لم يقصد به سحر ليلة معينة، ولو قصد معينًا لامتنع. ويجوز أن يكون حالًا؛ أي: متلبسين بسحر. روي: أن الله أمره، حتى خرج بهم بقطع من الليل، فجاء العذابُ قومَه وقت السحر. والاستثناء منقطع؛ لأنّه مستثنى من الضمير في {عَلَيْهِمْ}. وهو للمكذّبين من قوم لوط. ولا يدخل فيهم آل لوط؛ لأنّ المراد به: من تبعه على دينه.

٣٥ - وانتصاب {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} على العلة لـ {نَجَّيْنَاهُمْ}، أي: نجيناهم إنعاما منا على لوط ومن تبعه، أو على المصدرية من فعله، أي: أنعمناهم إنعامًا من عندنا، أو من مَعِيَ نجيناهم؛ أي: نجيناهم تنجية من عندنا لأن تنجيتهم إنعام.

والمعنى (٢): أي إنا عاقبناهم بإرسال ريح تحمل الحصباء، وما زالت بهم حتى دمرتهم إلا من آمن منهم، فإنا أمرناهم بالخروج آخر الليل؛ لينجوا من الهلاك. ثم بين أن سبب إنجاء المؤمنين هو شكرانهم للنعمة، فقال: {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا}؛ أي: أنعمنا عليهم بالنجاة كرامة لهم منّا.

{كَذَلِكَ}؛ أي: مثل ذلك الجزاء العجيب {نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} نعمتا بالإيمان والطاعة. يعني: كذلك ننجي المؤمنين. والمعنى: هكدا نجزي من شكرنا على نعمتنا، وأطاعنا، وائتمر بأمرنا وانتهى عمّا نهينا عنه.

٣٦ - ثم ذكر أنه ما أهلك من أهلك إلا بعد أن أنذرهم عذابه، وخوفهم بأسه فقال: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ}؛ أي: وعزتي وجلالي .. لقد أنذرهم، وخوفهم نبيهم لوط عليه السلام {بَطْشَتَنَا}؛ أي: أخذتنا الشديدة بالعذاب. {فَتَمَارَوْا}؛ أي: فكذَّبوا {بِالنُّذُرِ} متشاكين. ضمن (٣) {فَتَمَارَوْا} معنى التكذيب، فعدي تعديته، من المرية.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.