للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كونهم {عِنْدَ مَلِيكٍ} والمراد من العندية: قرب المنزلة والمكان، لا قرب المكان والمسافة. والمليك أبلغ من المالك. والتنكير فيه للتعظيم.

والمعنى: حال كونهم مقربين عند عزيز الملك واسعه لا يقادر قدر ملكه، فلا شيء إلا وهو تحت ملكوته، فأي منزلة أكرم من تلك، وأجمع للغبطة كلها، والسعادة بأسرها، وقرأ الجمهور {فِي مَقْعَدِ} بالإفراد، يراد به: اسم الجنس، وقرأ عثمان البتي {في مقاعد} على الجمع. {مُقْتَدِرٍ}؛ أي: قادر لا يعجزه شيء، عال أمره في الاقتدار.

والمعنى (١): أي إن الذين اتقوا عقاب ربهم، فأطاعوه، وأدوا فرائضه، واجتنبوا معاصيه، وأخلصوا له العمل في السر والعلن، يثبهم بما عملوا جنات تجري من تحتها الأنهار، يحلون فيها من أساور من ذهب، ويجلسون على فرش بطائنها من إستبرق، ويجدون فيها من النعيم ما لا يخطر على قلب بشر كفاء ما بذلوا من الصبر على سياق الطاعات، وحرموا منه أنفسهم من اللذات. كما قيل للربيع بن خيثم، وقد صلى حتى ورمت قدماه، وتهجد حتى غارت عيناه: أتعبت نفسك، فقال: راحتها أطلب. كما ينالون الزلفى عند ربهم القادر على جزائهم بإحسانه وجوده ومنته، فكل شيء تحت قبضته وسلطانه، لا يمانع، ولا يغالب. وهو العزيز الحكيم.

اللهم احشرنا في زمرتهم، واجعلنا ممن يسمعون القول، فيتبعون أحسنه. إنّك أنت السميع المجيب ذو الطول العظيم.

الإعراب

{وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)}.

{وَلَقَدْ} {الواو}: استئنافية، واللام موطئة للقسم، {قد} حرف تحقيق، {جَاءَ} فعل ماض، {آلَ فِرْعَوْنَ} مفعول به {النُّذُرُ} فاعل. والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها من الاعراب. وجملة القسم مستأنفة. {كَذَّبُوا} فعل، وفاعل، {بِآيَاتِنَا} جار ومجرور، ومضاف إليه، متعلق بـ {كَذَّبُوا}، {كُلِّهَا} توكيد لـ


(١) المراغي.