للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحدة، ولاشتمالها على النوعين ما في الدنيا وما ليس فيها, وما يعرف وما لا يعرف، وما يقدر على وصفه وما لا يقدر، ولذات جسمانية ولذات روحانية كأنها جنتان، ولسعتها وكثرة أماكنها، وأشجارها، وأنهارها، كأنها جنات كثيرة، فالضمير ها عائد إلى الجنتين، اهـ من "المراح".

{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}؛ أي: لم يجامع تلك القاصرات {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ} أي: قبل أزواجهن {وَلَا جَانٌّ} والجملة (١) صفة لقاصرات الطرف؛ لأن إضافتها لفظية.

والمعنى: أي في تلك الجنات نساء غضيضات الطرف عن غير أزواجهن. فلا يرين فيها شيئًا أحسن منهم. وهن أبكار لم يسمهن أحد قبل أزواجهن، لا من الجن ولا من الإنس؛ أي: لم يمس الإنسيات منهن أحد من الإنس، ولا الجنيات أحد من الجن. يقال: طمث المرأة من باب ضرب إذا افتضها بالتدمية لها؛ أي: أزال بكارتها. الطمث: الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع طمث، وإن لم يكن معه دم، كما سيأتي.

فهن كالرياض الأنف (٢). وهي التي لم ترعها الدواب قط، وفيه ترغيب لتحصيلهن، إذ الرغبة للأبكار فوق الرغبة بالثيِّبات. ودليل على أن الجن من أهل الجنة, وأنهم يطمثون كما يطمث الإنس. فإن مقام الإمتنان يقتضي ذلك، إذ لو لم يطمثوا كمن قبلهم لم يحصل لهم الامتنان به. ولكن ليس له ماء كماء الإنسان، بل لهم هواء بدل الماء, وبه يحصل العلوق في أرحام إناثهن، كما في "الفتوحات المكية". وهذا يستدعي أنه لا تصح المناكحة بين الإنس والجن، وكذا العكس. وقد ذهب إلى صحتها جم غفير من العلماء. منهم: صاحب "آكام المرجان".

ثم إن هؤلاء؛ أي: قاصرات الطرف من حور الجنة المخلوقات ما يبتذلن، ولم يمسسن، وهذا قول الجمهور وهو المشهور (٣). وقال الشعبي والكلبيُّ: من نساء الدنيا؛ أي: لم يجامعهن بعد النشأة الثانية أحد، سواء كن في الدنيا ثيبات أو أبكارًا.


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.