للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي: "لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها". وروي: "أنهن يقلن: نحن الناعمات، فلا نبأس الراضيات فلا نسخط، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا". وفي الأثر: "إذا قلن هذه المقالة أجابتهن المؤمنات من نساء الدنيا: نحن المصليات وما صليتن، ونحن الصائمات وما صمتن، ونحن المتصدقات وما تصدقتن، فغلبنهن والله غلبنهن".

وفي هذا بيان أن هاتين الجنتين دون الأوليين (١)؛ لأنه تعالى قال في الأوليين في صفة الحور العين: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) وفي الآخريين: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠)}. وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان.

وقرأ الجمهور (٢): {خَيْرَاتٌ} بالتخفيف. وقرأ قتادة, وابن السميقع، وأبو رجاء العطارديُّ، وبكر بن حببب السهمي، وابن مقسم، وأبو عثمان النهديُّ بالتشديد. فعلى القراءة الأولى هي جمع خيرة بزنة فعلة بسكون العين، ويقال امرأة خيرة، وأخرى شرة أو جمع خيرة مخفف خيرة، وعلى القراءة الثانية جمع خيرة بالتشديد.

٧١ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١)} وقد أنعم عليكم بما فيه تستمتعون من النساء. فإنَّ شيئًا منها كائنًا ما كان لا يقبل التكذيب.

٧٢ - {حُورٌ} بدل (٣) من {خَيْرَاتٌ}، جمع حوراء. وهي البيضاء، ووصفت في غير هذه الآية بالعِين. وهي جمع عيناء بمعنى واسعة العين. {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قصرن في خدورهن، وحبسن فيها. يقال: امرأة مقصورة؛ أي: مخدرة مستورة لا تخرج، ومقصورات الطرف على أزواجهن لا يبغين بهم بدلًا. وفيه إشارة إلى أنهن لا يظهرن لغير المحارم، وإن لم تكن الجنة دار التكليف؛ وذلك لأنهن من قبيل الأسرار، وهي تصان عن الأغيار غيرة عليها، والخيام جمع خيمة، وهي القبة المضروبة على الأعواد، هكذا جمع خيام الدنيا. وهي لا تشبه خيام الدنيا إلا بالاسم، فإنه قد قيل: إن الخيمة من خيامهن درة مجوفة عرضها ستون ميلًا في كل زاوية منها أهلون، ما يرون إلا حين يطوف عليهم المؤمنون. وقال ابن مسعود: لكل زوجة


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.