للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى في الأوليين: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} مع ترك ذكر الظهارة لرفعة شأنها، وخروجها عن كونها مدركة بالعقول والأفهام. وفي الأخريين: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ} يعلم به تفاوت ما بينهما.

قال أبو عبد الله الحكيم الترمذي: روي لنا في حديث المعراج: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغ سدرة المنتهى .. جاءه الرفرف، فتناوله من جبريل، وطار به إلى مستقر العرش، وذكر أنه قال: "طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بين يدي ربي، ثم لما حان الانصراف .. تناوله فطار به خفضًا ورفعًا يهوي به، حتى أداه إلى جبريل صلوات الله علبهما، وجبريل يبكي، ويرفع صوته بالتحميد". والرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى، له خواص الأمور في محل الدنو والقرب، كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين وهو متكأهم وفرشهم، يرفرف بالولي، ويطير به على حافات تلك الأنهار، وحيث يشاء من خيامه، وأزواجه، وتصوره. انتهى من "نوادر الأصول" في الأصل التاسع والثمانين.

وقال الترمذي الحكيم أيضًا: وبلغنا في الرواية: أن سحابة مطرت من العرش، فخلقت الحور من قطرات الرحمة، ثم ضرب على كل واحدة منهن خيمة على شاطىء الأنهار، سعتها أربعون ميلًا، وليس لها باب حتى إذا دخل ولي الله الجنة، انصدعت الخيمة عن باب، ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدام لم تأخذها، فهي مقصورة قد قصرها بها عن أبصار المخلوقين. وهو معنى قوله: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢)}. والله أعلم. اهـ قرطبي.

٧٧ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٧)}؛ أي (١): بأيَّ نعم ربكما المحسن الذي لا محسن غيره، ولا إحسان إلا منه تكذبان أبشيء من هذه النعم أم بغيرها، وقد هيأ لكم ما تتكئون عليه، فتستريحون، فإن كل واحد منها أجل أن يتطرق إليه التكذيب، وأعظم من أن يجحده جاحد أو ينكره منكر.

٧٨ - وقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ}؛ أي: تقدس، وتنزه عن كل ما لا يليق به تقديسٌ


(١) الخطيب.