للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وهُوَ} سبحانه {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يعزب عن علمه شيء من الظاهر والخفي. فإنَّ {عَلِيمٌ} صيغة مبالغة، تدل على أنه تعالى تام العلم بكل شيء جليه وخفيه.

والمعنى: أي: وهو ذو علم تامّ بكل شيء فلا يخفى عليه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

٤ - {هُوَ} سبحانه {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}؛ أي: أنشأهما، وأبدعهما على غير مثال سابق بقدرته الكاملة وحكمته البالغة {فِي} قدر {سِتَّةِ أَيَّامٍ} من أيام الآخرة، أو من أيام الدنيا تعليمًا للعباد التأني في الأمور. قال ابن عطية: وهذا الأخير أصوب. أولها: الأحد، وآخرها الجمعة. وهذا بيان لبعض ملكه للسموات والأرض. {ثُمَّ اسْتَوَى}؛ أي: ارتفع، وعلا استواء يليق به من غير كيف ولا تمثيل {عَلَى الْعَرْشِ} المحيط بجميع الأجسام.

والمعنى (١): هو الذي أنشأ السموات السبع والأرضين. فدبَّرهنَّ وما فيهن في ستة أطوار مختلفات، ثم استوى على عرشه، فارتفع عليه ارتفاعًا يليق بجنابه لا نكيفه ولا نمثله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

{يَعْلَمُ} سبحانه {مَا يَلِجُ} ويدخل {فِي الْأَرْضِ} كالكنوز، والدفائن والموتى، والبذور، وكالغيث ينفذ في موضع وينبع في الآخر. {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}؛ أي: من الأرض كالجواهر من الذهب، والفضة، والنحاس، وغيرها، والزروع، والحيوانات، والماء، وكالكنوز والموتى يوم القيامة. {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} كالكتب، والملائكة، والأقضية، والصواعق، والأمطار، والثلوج. {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}؛ أي: وما يصعد إليها كالملائكة الذين يكتبون الأعمال، والدعوات، والأعمال، والأرواح السعيدة، والأبخرة، والأدخنة. وقد تقدم تفسيره مستوفى في سورة الأعراف، وفي غيرها.

{وَهُوَ} سبحانه {مَعَكُمْ} بقدرته، وعلمه، وسلطانه {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}؛ أي: في أي مكان كنتم فيه من الأرض من برّ وبحر. وهذا تمثيل (٢) لإحاطة علمه بهم،


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.