للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لتغاير العنوانين. فإنه ذكر وموعظة، كأنه حق نازل من السماء. وإلا فالعطف كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)}. ومعنى الخشوع لما نزل: الانقياد التام لأوامره ونواهيه، والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام التي من جملتها ما سبق، وما لحق من الإنفاق في سبيل الله.

قرأ الجمهور (١): {أَلَمْ}. وقرأ الحسن، وأبو السمّال {ألمّا}. وقرأ الجمهور {يأن} مضارع أن إذا حان. وقرأ الحسن {يئن} بكسر الهمزة وسكون النون مضارع آن إذا حان أيضًا. وقرأ الجمهور، وأبو بكر عن عاصم {وما نزّل} بتشديد الزاي؛ أي: ولما نزله الله من القرآن. وقرأ نافع، وحفص مخففًا. والجحدري، وأبو جعفر، والأعمش، وأبو عمرو في رواية يونس، وعباس عنه مبنيًّا للمفعول مشددًا، وقرأ عبد الله {أنزل} بهمزة النقل مبنيًّا للفاعل.

وعبارة الشوكاني: والمعنى: أنه (٢) ينبغي أن يورثهم الذكر خشوعًا ورقة، ولا يكونوا كمن لا يلين قلبه للذكر، ولا يخشع له. {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} معطوف على {ذكر الله}. والمراد بما نزل من الحق: القرآن. فيحمل الذكر المعطوف عليه على ما عداه مما فيه ذكر الله سبحانه باللسان، أو خطور بالقلب. وقيل: المراد بالذكر: هو القرآن، فيكون هذا العطف من باب عطف التفسير أو بتغاير المفهومين، انتهى.

وقرأ الجمهور (٣) قوله: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ} بالتحتانية على الغيبة جريًا على ما تقدم عطفًا على {أَنْ تَخْشَعَ}. وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة، وإسماعيل عن أبي جعفر، وعن شيبة، ويعقوب، وحمزة في رواية عن سليم عنه {ولا تكونوا} بالفوقانية على الخطاب التفاتًا، وبها قرأ عيسى، وابن إسحاق إما نهيًا وإما عطفًا على {أَنْ تَخْشَعَ}؛ أي: ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم ولا يكونوا كالذين ... إلخ.

والمعنى: النهي لهم عن أن يسلكوا سبيل اليهود والنصارى الذين أوتوا التوراة


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.