للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجملة {يُحِبُّونَ} في محل النصب على الحال.

والأنصار (١): بنو الأوس والخزرج، ابني حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نيت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. قال في "القاموس": قحطان بن عامر بن شالخ أبو حيّ انتهى. وهو أصل العرب العرباء. ومن الأنصار: غسان، كشداد، ماء قرب الجحفة نزل عليه قوم من ولد الأزد، فشربوا منه، فنسبوا إليه. يقال: تبوأ المكان، إذا اتخذه منزلًا واستقر فيه. والدار هي المدينة، وتسمي قديمًا: يثرب، وحديثًا: طيبة وطابة.

ومعنى تبوئهم الدار والإيمان: أنهم اتخذوا المدينة والإيمان مباءة، وتمكنوا فيهما أشد تمكن، على تنزيل الحال منزلة المكان. وقيل: ضُمِّنَ التبوؤ معنى اللزوم. وقيل: تبؤوا الدار وأخلصوا الإيمان، أو قبلوه، أو آثروه، كقول من قال:

عَلَّفْتُهَا تِبْنًا ومَاءً بَارِدًا

أي: وسقيتها ماء باردًا فاختصر الكلام، وقيل: غير ذلك.

يقول الفقير: لعل أصل الكلام: والذين تبؤوا دار الإيمان. فإن المدينة يقال لها: دار الإيمان لكونها مظهره ومأوى أصله، كما يقال لها: دار الهجرة. وإنما عدل إلى ما ذكر من صورة العطف تنصيصًا على إيمانهم، إذ مجرد التبوُّء لا يكفي في المدح.

{مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: من قبل هجرة المهاجرين، فلا بدّ من تقدير مضاف، لأن الأنصار لم يؤمنوا قبل إيمان المهاجرين، بل منهم من آمن قبل الهجرة ومنهم من آمن بعدها. قال في "الإرشاد": يجوز أن يجعل اتخاذ الإيمان مباءة، ولزومه وإخلاصه عبارة عن إقامة كافة حقوقه، التي من جملتها إظهار عامة شعائره، وأحكامه، ولا ريب في تقدم الأنصار في ذلك على المهاجرين؛ لظهور عجزهم عن إظهار بعضها، لا عن إخلاصه قلبًا واعتقادًا؛ إذ لا يتصور تقدمهم عليهم في ذلك.

جملة قوله: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} خبر (٢) عن الموصول؛ أي: يحبونهم


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.