للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحقد والحسد هما رأس كل خطيئة، وينبوع كل معصية، فهما يوجبان سفك الدماء، والبغي، والظلم، والسرقة، وسائر أنواع الفجور.

ونحو الآية قوله تعالى في سورة براءة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.

{رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}؛ أي: ربنا إنك عظيم الرأفة بعبادك، كثير الرحمة لهم، فحقيق بأن تجيب دعاءنا، فأجب دعاءنا يا إلهنا ويا مالك أمرنا. وفي الآية (١) حث على الدعاء للصحابة وصفاء القلوب من بغض أحد منهم، ودليل على أن الترحم والاستغفار واجب على المؤمنين الآخرين للسابقين منهم، لا سيما لآبائهم ولمعلمهم أمور الدِّين. قالت عائشة رضي الله عنها: "أمروا أن يستغفروا لهم، فسبوهم". وفي الحديث: "لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها"، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه سمع رجلًا وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} ثم قال: هؤلاء المهاجرون، أفمنهم أنت؛ قال: لا. ثم قرأ عليه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...} الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار، فأنت منهم؟ قال: لا. ثم قرأ عليه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ...} الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو، قال: ليس من هؤلاء من سب هؤلاء.

وفي تكرير: {رَبَّنَا} إظهار لكمال الضراعة. وفي الأثر: "من حزبه أمر فقال خمس مرات: ربنا .. أنجاه الله مما يخاف".

الإعراب

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ}.

{سَبَّحَ}: فعل ماضي، {لِلَّهِ}: متعلق به، وقيل: {اللام}: زائدة، {مَا} فاعل، {فِي السَّمَاوَاتِ}: صلة لـ {مَا} {وَمَا فِي الْأَرْضِ}: معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ}، والجملة الفعلية مستأنفة، {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: مبتدأ وخبر، {الْحَكِيمُ}:


(١) روح البيان.