للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعير فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام.

التفسير وأوجه القراءة

١١ - ولما فرغ سبحانه من ذكر الطبقات الثلاثة من المؤمنين .. ذكر ما جرى بين المنافقين واليهود من المقاولة الكاذبة والأحوال الفاسدة؛ لتعجيب المؤمنين من حالهم، فقال: {أَلَمْ تَرَ} والخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل من يصلح له؛ أي: ألم تنظر يا محمد، أو أيها المخاطب - {إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا}؛ أي: إلى أقوالهم الكاذبة، ومواعيدهم العاطلة، وأحوالهم الفاسدة، وهم: عبد الله بن أبيّ وأصحابه. وجملة قوله: {يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} مستأنفة لبيان المتعجب منه. والتعبير (١) بالمضارع لاستحضار الصورة الماضية أو للدلالة على الاستمرار. والمراد بإخوانهم: بنو النضير، وبأخوَّتهم: إما توافقهم في الكفر، فإن الكفر ملة واحدة وإن اختلفت أنواعه. و {اللام} في قوله: {لِإِخْوَانِهِمُ} هي لام التبليغ وفي قوله: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ} موطئة للقسم. وهي اللام الداخلة على حرف الشرط بعد تمام القسم ظاهرًا، أو مقدرًا ليؤذن أن الجواب له لا للشرط، وقد تدخل على غير الشرط.

والمعنى: يقولون لهم: والله لئن أخرجتم .. أيها الإخوان .. من داركم وقراركم قسرًا بإخراج محمد وأصحابه إياكم منها {لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} ألبتة، ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم لتمام المحبة بيننا وبينكم. وهو جواب القسم، وكررت اللام للتأكيد، وجواب الشرط مضمر. ولما كان جواب القسم وجواب الشرط متماثلين .. اقتصر على جواب القسم، وأضمر جواب الشرط، وجعل المذكور جوابًا للقسم بسعة. وكذا قوله: {لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ}، وقوله: {لَا يَنْصُرُونَهُمْ} كل واحد منهما جواب القسم؛ ولذلك رفعت الأفعال ولم تجزم، وحذف جواب الشرط


(١) روح البيان.