للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي عبلة، وأبو حيوة بفتحها. وقرأ الفياض بن غزوان، وعمرو بن ميمون، ويعقوب بكسرها، وذكرها المهدوي عن الأعرج. وهي لغات ثلاث. بمعنى الوسع، والوجد - بالفتح - يستعمل في الحزن والغضب والحب، والوُجد بالضم: الغنى والقدرة.

والمعنى: أي أسكنوا مطلقات نسائكم في الموضع الذي تسكنون فيه على مقدار حالكم، فإن لم تجدوا إلا حجرة بجانب حجرتكم .. فأسكنوها فيها. وإنما أمر الرجال بذلك لأن السكنى نوع من النفقة، وهي واجبة على الأزواج.

ثم نهى عن مضارة المطلقات في السكنى، فقال: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ}؛ أي: ولا تقصدوا أيها الأزواج إدخال الضرر عليهن في السكنى بأي وجه كان. فالمفاعلة هنا ليست على بابها. {لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} في المسكن ببعض الأسباب، من إنزال من لا يوافقهن معهن، أو بشغل مكانهن، أو غير ذلك، وتلجئوهن إلى الخروج.

والمعنى: ولا تستعملوا معهن الضرار في السكنى، بشغل المكان أو بإسكان غيرهن معهن ممن لا يحببن السكنى معه؛ لتلجئوهن إلى الخروج من مساكنهن. وفيه حث على المروءة والمرحمة، ودلالة على رعاية الحق السابق حتى يتيسر لها التدارك في أمر المعيشة من تزوج آخر أو غيره.

ثم بين نفقة الحوامل، فقال: {وَإِنْ كُنَّ}؛ أي: المطلقات {أُولَاتِ حَمْلٍ}؛ أي: ذوات حبل؛ أي: حاملات. و {أُولَاتِ} منصوب بالكسر؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. وتنوين {حَمْلٍ} للتعميم؛ يعني أيّ حمل كان قريب الوضع أو بعيده. {فَأَنْفِقُوا} أيها المطلِّقون {عَلَيْهِنَّ}؛ أي: على المطلقات الحوامل {حَتَّى يَضَعْنَ} ويلدن {حَمْلَهُنَّ} وحبلهن، فيخرجن من العدة، وتخلصوا من كلفة الإحصاء، ويحل لهن تزوج غيركم إن شئن؛ لأنه بالوضع تنقضي العدة. وهذا حكم المطلَّقة طلقة بائنة، أما المطلقة طلقة رجعية .. فتستحق النفقة وإن لم تكن حاملًا.

واعلم (١): أن البائن بالطلاق إذا كانت حاملًا لها النفقة والسكنى بالاتفاق، وأما البائن الحائل؛ أي: غير الحامل .. فتستحق النفقة والسكنى عند أبي حنيفة كالحامل، إلى أن تنقضي عدتها بالحيض أو بالأشهر، لما روي عن عمر - رضي الله


(١) روح البيان.