للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وتاء التقوئ مبدلة من واو، وواوها مبدلة من ياء؛ لأنه من وقيت.

البلاغة

{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ}؛ أي: ليرضعن، فالآية خبر بمعنى الأمر أتى به بلفظ الخبر مبالغة في الحث على تحقيقه، كما مر نظيره في قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}.

{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ}: فيه لطيفة، وهو: أنه لما كلف بمؤن المرضعة لولده من الرزق والكسوة .. ناسب أن يسلي بأن ذلك الولد هو ولد لك لا لأمه، وأنك الذي تنتفع به في التناصر وتكثير العشيرة، وأن لك عليه الطواعية كما كان عليك لأجله كلفة الرزق والكسوة لمرضعته.

{لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} وإنما أتى بالجملتين فعليتين، وأدخل عليهما حرف النفي الذي هو {لا} للموضوع للاستقبال غالبًا؛ لأن تكليف النفس فوق الطاقة، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} فيه مبالغة في المحافظة على ما شرع في أمر الأطفال والمراضع.

وفي هذه الآية ضروب من البيان والبديع (١):

منها: تلوين (٢) الخطاب ومعدوله في قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} فإنه خبر معناه الأمر على قول الأكثر والتأكيد بـ {كَامِلَيْنِ}، والعدل عن رزق الأولاد إلى رزق أمهاتهم؛ لأنهن سبب توصل ذلك، والإيجاز في قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، وتلوين الخطاب في قوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ} فإنه خطاب للآباء


(١) البحر المحيط.
(٢) التلوين: تغيير أسلوب الكلام إلى أسلوب آخر.