للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به ودعوتهما إليه فيشرك به. وهذا يصلح أن يكون مخصصا من العموم، فلا متمسك للمعتزلة في الآية على تخليد عصاة المؤمنين في النار. {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: في النار أو في جهنم. والإفراد في {له} باعتبار لفظ {مَن}، والجمع في {خَالِدِينَ} باعتبار المعنى؛ أي: حال كونهم ماكثين فيها {أَبَدًا}؛ أي: أمدًا طويلًا لا نهاية له. أتي به دفعا لأن يراد بالخلود المكث الطويل.

وقرأ الجمهور (١): بكسر همزة {إنّ} على أنها جملة مستأنفة. وقرأ طلحة بفتحها؛ لأنّ ما بعد فاء الجزاء موضع ابتداء، والتقدير: فجزاؤه أنَّ له نار جهنم أو فحكمه أنّ له نار جهنم.

٢٤ - وقوله: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ} من العذاب في الدنيا، أو في الآخرة، غاية لمحذوف دل عليه حالهم من استضعاف الكفّار لأنصاره - صلى الله عليه وسلم - واستقلالهم لعددهم حتى قالوا: هم بالنسبة إلينا كالحصاة من جبال. تقديره: ولا يزالون على ما هم عليه من الإصرار على الكفر وعداوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين حتى إذا رأوا الذي يوعدون به من العذاب. {فَسَيَعْلَمُونَ} حينئذٍ عند حلوله بهم {مَنْ} هو {أَضْعَفُ نَاصِرًا} ينتصر به وجندًا يستعين به. {وَ} من هو {أَقَلُّ عَدَدًا} ومددًا، أهم أم المؤمنون؟ فـ {مَنْ} موصولة، و {أَضْعَفُ} خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن تكون استفهامية مرفوعة بالابتداء، و {أَضْعَفُ} خبره، والجملة في موضع نصب سدّت مسدّ مفعولي العلم، و {نَاصِرًا} و {عَدَدًا} أو منصوبان على التمييز.

وحمل بعضهم (٢) {مَا يُوعَدُونَ} على ما رأوه يوم بدر، وأيًّا ما كان .. ففيه دلالة على أنَّ الكفار مخذولون في الدنيا والآخرة، وإن كثروا عددًا وقووا جسدًا؛ لأنّ الكافرين لا مولى لهم، وأنّ المؤمنين منصورون في الدارين وإن قلّوا عددًا وضعفوا جسدًا؛ لأن الله مولاهم. والواحد على الحق هو السواد الأعظم، فإن نصره ينزل من العرش.

والمعنى (٣): أي ومن يعص الله فيما أمر به ونهى عنه، ويكذّب برسوله فإنّ له نارًا يصلاها ماكثًا فيها أبدًا إلى غير نهاية، ولا محيد عنها ولا خروج منها، ولا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.