للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ودخل في: {نَفْسٌ} كل نفس ملكية وإنسية وجنية، وفي {شَيْئًا} كل ما كان من قبيل جلب المنفعة، أو دفع المضرة.

{وَالْأَمْرُ} كله {يَوْمَئِذٍ}؛ أي: يوم إذ لا تملك نفس لنفس شيئًا {لِلَّهِ} وحده، لا يملك (١) شيئًا من الأمر غيره تعالى كائنًا ما كان. قال مقاتل: يعني لنفس كافرة شيئًا من المنفعة. وقال قتادة: ليس ثم أحد يقضي أو يصنع شيئًا إلا الله رب العالمين.

والمعنى: أن الله تعالى لا يملك أحدًا في ذلك اليوم شيئًا من الأمور، كما ملكهم في الدنيا، ومثل هذا قوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار} والأمر (٢) واحد الأوامر، فإن الأمر والحكم والقضاء من شأن الملك المطاع، والخلق كلهم مقهورون تحت سطوات الربوبية وحكمها، ويجوز أن يكون واحد الأمور، فإن أمور أهل المحشر كلها بيده تعالى لا يتصرف غيره.

أخبر تعالى بضعف الناس يومئذٍ، وأنه لا ينفعهم الأموال والأولاد والأعوان والشفعاء، كما في الدنيا، بل ينفعهم الإيمان والبر والطاعة، وأنه لا يقدر أحد أن يتكلم إلا بإذن الله وأمره؛ إذ الأمر له في الدنيا والآخرة في الحقيقة وإن كان يظهر سلطانه في الاخرة بالنسبة إلى المحجوب لأن المحجوب يرى أن الله ملكه في الدنيا وجعل له شيئًا من الأمور والأوامر، فإذا كان يوم القيامة يظهر له أن الأمر والملك لله تعالى لا يزاحمه فيه أحد ولا يشاركه ولو صورة، وفيه تهديد لأرباب الدعاوي وأصحاب المخالفة، وتنبيه على عظيم بطشه تعالى وسطوته.

وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو (٣): {يومُ لا تملك} - برفع الميم - على أنه بدل من {يَوْمِ الدِّينِ} كما قاله الزمخشري، أو خبر مبتدأ محذوف، وقرأ محبوب عن أبي عمرو: {يوم} بالقطع عن الإضافة والتنوين والتنكير، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو يوم، و {لَا تَمْلِكُ}: جملة في موضع الصفة، والعائد محذوف؛ أي: لا تملك فيه، وقرأ زيد بن علي والحسن وأبو جعفر وشيبه والأعرج وباقي السبعة: {يَوْمَ} بالفتح على الظرف، فعند البصريين


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.