للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{مَحْفُوظٍ}؛ أي: من التحريف والتغيير والتبديل.

البلاغة

وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {ذَاتِ الْبُرُوجِ}؛ لأن البروج حقيقة في القصور التي تنزل فيها الأكابر والأشراف، فاستعيرت لمنازل الكواكب السيارة، ومقر الثوابت منها بجامع العلو في كل منهما.

ومنها: الجناس المماثل في قوله: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣)}.

ومنها: تنكيرهما للإبهام في الوصف؛ أي: وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما.

ومنها: تأكيد المدح بما يشبه الذم في قوله: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨)} وهو أن يستثنى من صفة ذم منفية صفة مدح، أو أن يثبت لشيء صفة مدح، ويؤتى بعدها بأداة الاستثناء تليها صفة مدح أخرى:

ومن الأول: بيت النابغة في مديح الغسانيين:

وَلَا عَيْبَ فِيْهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوْفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُوْلٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

وقول ابن الرقيات - وقد اقتبس لفظ القرآن، ورمق سماء بلاغته -:

وَمَا نَقَمُوْا مِنْ أُمَيَّةَ إِلَّا ... أَنَّهُمْ يَحْلُمُوْنَ إِنْ غَضِبُوْا

ومنه قول ابن نباتة المصري:

وَلَا عَيْبَ فِيْهِ غَيْرَ أَنَّيْ قَصَدْتُهُ ... فَأَنْسَتْنِيَ الأَيَّامُ أَهْلًا وَمَوْطِنَا

وقول المعري:

تُعَدُّ ذُنُوْبِيْ عِنْدَ قَوْمٍ كَثِيْرَةً ... وَلَا ذَنْبَ لِيْ إلَّا الْعُلاَ وَالْفَضَائِلُ

وأما الثاني: فقليل في الشعر، ومنه قول بعضهم:

مَا فِيْكِ مِنَ الْجَمَالِ سِوَى ... أَنَّكِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبِيْحَاتِ