للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)}.

المناسبة

تقدم لك بيان المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها قريبًا، وأما قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) ...} الآيات، فالمناسبة بينها وبين ما قبلها: أن الله سبحانه لما (١) ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم المغرورين بواسع جاههم أن يتمادَوا في صلفهم وكبريائهم .. شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة، ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.

قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ...} الآيات، المناسبة بينها وبين ما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبًا للشهرة، وحبًا في حسن الأحدوثة، وأَنَّبَهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبيّن لهم أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق، والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه وتعالى، وهو القادر على سلبه منهم .. أردفه ببيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم؛


(١) المراغي.