للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَعَقَرُوهَا}؛ أي: فنحروها {فَدَمْدَمَ}؛ أي: فأطبق عليهم العذاب، يقال: دمدم عليه القبر أطبقه، ويقال: دم الشيء سدّه بالقبر، ودممت على القبر وغيره إذا أطبقت عليه، ثم كررت الدال؛ للمبالغة في الإحاطة، فالدمدمة من الدم كالكبكبة من الكب، تقول العرب: دممت على فلان بالتخفيف، ثم تقول من المبالغة: دممت بالتشديد، ثم تقول من تشديد المبالغة دمدمت، والتركيب يدل على غشيان الشيء بالشيء.

{فَسَوَّاهَا}؛ أي: فسوى القبيلة في العقوبة، فلم يفلت منها أحد، وأصله سَوَّيَها، قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها بعد فتح.

{وَلَا يَخَافُ} أصله يَخْوَف بوزن يفعل مضارع خَوِف بكسر العين، نقلت حركة الواو إلى الخاء، ثم قلبت ألفًا؛ لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.

{عُقْبَاهَا}؛ أي: عاقبة الدمدمة وتبعتها. وفي "القاموس": وأعقبه الله بطاعته جازاه، والعقبى: جزاء الأمر، وألفه للتأنيث كالرجعى والذكرى.

البلاغة

وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الطباق بين {الشمس} و {القمر} في قوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢)} وبين {الليل} و {النهار} في قوله: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)}.

ومنها: الإسناد المجازي في قوله: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣)}؛ لأنه لما كان جلاء الشمس واقعًا في النهار .. أسند فعل التجلية إليه إسنادًا مجازيًا مثل نهاره صائم.

ومنها: اختيار صيغة المضارع على الماضي؛ للدلالة على أنه لا يجري عليه تعالى زمان، فالمستقبل عنده تعالى، كالماضي في التحقيق، وفيه أيضًا مراعاة الفواصل؛ إذ لو أتى به ماضيًا .. لكان التركيب إذا غشيها، فتفوت المناسبة اللفظية بين الفواصل والمقاطع. اهـ "خطيب".

ومنها: تنكير نفس في قوله: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)}؛ للتفخيم على أن المراد