للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ففرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، والخطاب (١) في {أَرَأَيْتَ} الظاهر أنه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكذا {أَرَأَيْتَ} الثاني والثالث، والتناسق في الضمائر هو الذي يقتضيه النظم، وقيل: {أَرَأَيْتَ} خطاب للكافر التفت إلى الكافر، فقال: أرأيت يا كافر إن كانت صلاته هدًى ودعاءً إلى الله تعالى، وأمرًا بالتقوى أتنهاه مع ذلك، والضمير في {إن كَانَ}، وفي {إن كَذَّبَ} عائد على الناهي.

١٥ - {كَلَّا} ردع (٢) للناهي اللعين عن نهيه عن عبادة الله وأمره بعبادة اللات. {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} {اللام}: موطئة للقسم المحذوف؛ أي: والله لئن لم ينته هذا الناهي اللعين عما هو عليه، ولم ينزجر ولم يتب ولم يسلم قبل الموت، والأصل: ينتهي بالياء المحذوفة للجازم، يقال: نهاه ينهاه نهيًا ضد أمره، فانتهى.

{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}؛ أي: لنجُزَّنَّه بناصيته إلى جهنم، أصله: لنسفعن بنون التوكيد الخفيفة، ونظيره: {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} كتب في المصحف بالألف على حكم الوقف، فإنه يوقف على هذه النون بالألف تشبيهًا لها بالتنوين، والسفع: القبض على الشيء وجذبه بعنف وشدة، والناصية: شعر مقدم الرأس، والمعنى: والله لنأخذنه في الآخرة بناصيته، ولنسحبنه بها إلى النار بمعنى: لنأمرن الزبانية ليأخذوا بناصيته، ويجروه إلى النار بالتحقير والإهانة، وكانت العرب تأنف من جر الناصية، وفي "عين المعاني": الأخذ بالناصية عبارة عن القهر والهوان، والاكتفاء بلام العهد عن الإضافة، لظهور أن المراد ناصية الناهي المذكور، ويحتمل أن يكون المراد من هذا السفع سحبه على وجهه في الدنيا يوم بدر، فيكون بشارة بأن يمكِّن المسلمين من ناصيته حتى يجروه على وجهه إذا عاد إلى النهي، فلما عاد مكنهم الله من ناصيته يوم بدر.

وقرأ الجمهور (٣): {لَنَسْفَعًا} بالنون الخفيفة، وكتبت بالألف باعتبار الوقف؛ إذ الوقف عليها بإبدالها ألفًا وكثر ذلك حتى صارت رويًا، فكتبت ألفًا كقوله:

يَحْسَبُهُ الْجَاهِلُ مَا لَمْ يَعْلَمَا ... شَيْخًا عَلَى كُرْسِيِّهِ مُعَمَّمَا

وقرأ محبوب وهارون كلاهما عن أبي عمرو: {لنسفعن} بالنون الشديدة،


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.