للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للفاعل. وقرأ الجمهور: {وَحُصِّلَ} بضم الحاء وتشديد الصاد مكسورًا مبنيًا للمفعول، وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جبير، ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، ومحمد بن أبي سعدان: {حَصَل} بفتح الحاء والصاد مخففًا، مبنيًا للفاعل؛ أي: ظهر.

١١ - وقرأ الجمهور: {إِنَّ رَبَّهُمْ} بكسر الهمزة، على الاستئناف الإخباري، وبإثبات لام {لَخَبِيرٌ}؛ أي: إن رب المبعوثين كنى عنهم بعدًا لإحياء الثاني بضمير العقلاء بعدما عبر عنهم بما في قوله: {مَا فِي الْقُبُورِ} بناء على تفاوتهم في الحالين، فحين كانوا في القبور كانوا كجمادات بلا عقل ولا علم وإن كان لهم نوع حياة فيها، بخلاف وقت الحشر {بِهِمْ}؛ أي: بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها. {يَوْمَئِذٍ}؛ أي: يوم إذ يكون ما ذكر من بعث ما في القبور. وتحصيل ما الصدور، والعامل في {بِهِمْ} وفي {يَوْمَئِذٍ} {لَخَبِيرٌ}؛ أي: عالم بظواهرهم وبواطنهم علمًا موجبًا للجزاء متصلًا به، كما ينبىء عنه تقييده بذلك اليوم، وإلا فمطلق علمه تعالى محيط بما كان وما سيكون. وقُدِّما عليه مراعاة للفواصل، واللام غير مانعة لعمله فيهما، لكنه ضَمَّن خبير معنى مجاز لهم في ذلك اليوم، أي: إن رب المبعوثين لخبير بهم يوم إذ بعث ما في القبور وحصل ما في الصدور، لا تخفى عليه منهم خافية، فيجازيهم بالخير خيرًا وبالشر شرًا، قال الزجاج: الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى: أن الله يجازيهم في ذلك اليوم، ومثلُه قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} معناه: أولئك الذين لا يترك الله مجازاتهم، انتهى.

وقرأ الجمهور (١): {إِنَّ رَبَّهُمْ} بكسر الهمزة واللام في {لَخَبِيرٌ} كما مر آنفأ وقرأ أبو السمال والحجاج بفتح الهمزة وإسقاط اللام، ويظهر في هذه القراءة تسلط {يَعْلَمُ} على {إِنَّ} لكنه لا يمكن إعمال خبير في {إِذَا}؛ لكونه في صلة أن المصدرية، لكنه يمكن أن يقدر له عامل فيه من معنى الكلام، فإنه يقال: يجزيهم إذا بعثر.

والمعنى (٢): أفلا يعلم هذا الإنسان المنكر لنعم الله تعالى عليه الجاحد لفضله وأياديه أنه سبحانه عليم بما تنطوي عليه نفسه، وأنه مجازيه على جحده وإنكاره يوم يحصل ما في الصدور ويبعثر ما في القبور. وقد عبر سبحانه عن مجازاتهم على ما كسبت أيديهم بالخبرة بهم والعلم المحيط لأعمالهم وهذا كثير في الكلام، تقول


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.