للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خاتمة

قال محمَّد بن حزم في كتابه "الناسخ والمنسوخ": واعلم أن نزول المنسوخ بمكة كثير، والناسخ بالمدينة كثير، وليس في أم الكتاب شيء منهما، فأما سورة البقرة وهي مدنية، ففيها ستة وعشرون آية من المنسوخ.

الأولى منها: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} الآية وهي منسوخة بقوله تعالى في آل عمران؛ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} مدنية ٨٥.

والثانية منها: قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} فإنها منسوخة بقوله تعالى في براءة آية السيف: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} مدنية ٥.

والثالثة: قوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} فإنها منسوخة بقوله تعالى في براءة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} مدنية: ٢٩.

والرابعة: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} هذا محكم، والمنسوخ منها قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} منسوخ بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} البقرة مدنية ١٤٤.

والخامسة: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية منسوخة بالاستثناء بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} البقرة ١٥٩.

والسادسة: قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} الآية، فنسخ منها بالسنَّة بعض الميتة وبعض الدم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال". وقال سبحانه: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}، ثم رخص للمضطر إذا كان غير باغٍ ولا عاد بقوله: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.

والسابعة: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وهذا الأخير موضع النسخ منها - أعني - والأنثى بالأنثى، وباقيها محكم وناسخها قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية المائدة ٤٥ وقيل: ناسخها قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَل