للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: "أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحدٌ يذكر الله هذه الساعة غيركم، قال: وأنزل الله هذه الآيات {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} حتى بلغ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}.

هذا، وقد ورد للآية سبب آخر، ففي "مجمع الزوائد" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعيه، وأسيد بن سعيه، وأسيد بن عبيد، ومن أسلم من يهود، فآمنوا، وصدقوا، ورغبوا في الإِسلام، قالت أحبار يهود أهل الكفر: ما آمن بمحمد وتبعه إلّا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا .. ما تركوا دين آبائهم، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ في ذلك من قوله: {لَيْسُوا سَوَاءً} إلى قوله: {مِنَ الصَّالِحِينَ} رواه الطبراني، ورجاله ثقات، ويقال: لا مانع من نزول الآية في الجميع، أو أنه تعدَّد سبب نزولها.

التفسير وأوجه القراءة

١١٣ - {لَيْسُوا}؛ أي: ليس جميع أهل الكتاب {سَوَاءً}، أي: مستوين، في المساويء والصفات القبيحة، بل منهم المؤمنون، وأكثرهم الفاسقون، أي؛ فليس من آمن منهم كمن لم يؤمن.

وفي قوله (١): {لَيْسُوا سَوَاءً} قولان:

أحدهما: إنه كلام تام يوقف عليه، والمعني: أنَّ أهل الكتاب الذين سبق ذكرهم منهم المؤمنون، وأكثرهم الفاسقون {لَيْسُوا سَوَاءً}. وقيل: معناه: لا يستوي اليهود، وأمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - القائمة بأمر الله الثابتة على الحق.

والقول الثاني: إن قوله: {لَيْسُوا سَوَاءً} متعلق بما بعده، ولا يوقف عليه. وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} فيه اختصار، وإضمار، والتقدير: ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ، ومنهم أمةٌ مذمومةٌ غير قائمة، فترك ذكر الأمة الأخرى اكتفاء بذكر أحد الفريقين.


(١) الخازن.