للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك مما صار الآن ضروريًّا من آلات الحروب الحديثة، وصار من فقدها يشبه أن يكون أعزلَ من السلاح، وإن كان مدججًا به، ويلزم هذا أن يكونوا عالمين بفنون الحرب، والخطط العسكرية بارعين في العلوم الطبيعية، والرياضية، فكل ذلك واجب على المسلمين في هذا العصر؛ لأن الاستعدادَ المأمور به في الآية لا يتم إلا به.

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها". متفق عليه.

وعن سلمان الخير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباط يوم وليلة، خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه. جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان". رواه مسلم.

وفي سنن أبي داود قال: "كل الميت يختم على عمله، إلا المرابط، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتاني القبر". وقيل: المراد بالمرابطة: انتظار الصلاة بعد الصلاة، قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: لم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابط فيه، ولكنه انتظار الصلاة خلف الصلاة.

ويدل على صحة هذا التأويل ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات" قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط". أخرجه مسلم.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} في مخالفة أمره ونهيه {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي: لكي تظفروا السعادةَ الأبديةَ في الدنيا والآخرة، قال (١) محمَّد بن كعب القرظي يقول الله عز


(١) الخازن.