للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجل: واتقوا الله فيما بيني وبينكم، لعلكم تفلحون غدًا إذا لقيتموني. وقال (١) بعضهم في معنى هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا اصبروا على بلائي، وصابروا على نعمائي، ورابطوا على مجاهدة أعدائي، واتقوا محبة سوائي لعلكم تفلحون بلقائي. وقيل: اصبروا على النعماء، وصابروا على البأساء، والضراء، ورابطوا في دار الأعداء، واتقوا إله الأرض والسماء، لعلكم تفلحون في دار البقاء. وقيل: اصبروا على الدنيا ومحنها، رجاءَ السلامة، وصابروا عند القتال بالثبات والاستقامة، ورابطوا على مجاهدة النفس اللوامة، واتقوا ما يعقبكم الندامةَ لعلكم تفلحون غدًا في دار الكرامة، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

ولقد (٢) أكثر الله تعالى في كتابه من ذكر التقوى، ويراد بها الوقاية من سخط الله وغضبه، ولا يكون هذا إلا بعد معرفته، ومعرفة ما يرضيه وما يسخطه، ولا يعرف هذا إلا من فهم كتاب الله، وعَرَفَ سنةَ نبيه وسيرة السلف الصالح من الأمة الإِسلامية، ومن فعل كل ما تقدم فصبرَ، وصابَرَ، ورابطَ لحماية الحق، وأهله، ونشَرَ دعوته، واتقى ربه في سائر شؤونه فقد أفلح، وفاز بالسعادة عند ربه.

الإعراب

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)}.

{إِنَّ} حرف نصب وتوكيد. {فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} جار ومجرور، ومضاف إليه، {وَالْأَرْضِ} معطوف على {السَّمَاوَاتِ} الجار والمجرور متعلق بواجب الحذف لوقوعه خبرًا مقدمًا لـ {إنَّ} تقديره: إن آيات دالات على وحدانية الله لكائنة لأولي الألباب في خلق السموات {وَالْأَرْضِ} وجملة {إن} مستأنفة. {وَاخْتِلَافِ} معطوف على {خَلْقِ}، وهو مضاف. {اللَّيْلِ} مضاف إليه. {وَالنَّهَارِ}


(١) الخازن.
(٢) المراغي.