للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جبير، ومجاهد، وأبي العالية، وهذا القرض في أصول الأموال، أما نحو ألبان المواشي، واستخدام العبيد، وركوب الدواب، فمباح لنحو الوصي، إذا كان غير مضر بالمال، وهذا قول أبي العالية وغيره، وإنما خص الأكل بالذكر؛ لأنه أعم وجوه الانتفاعات، ومحل ذلك في غير الحاكم، أما هو: فليس له ذلك لعدم اختصاص ولايته بالمحجور عليه، بخلاف غيره، حتى أمينه كما صرح به المحاملي، وله الاستقلال بالأخذ منه من غير مراجعة الحاكم، ومعلوم أنه إذا نقصت أجرة الأب، أو الجد، أو الأم إذا كانت وصية عن نفقتهم، وكانوا فقراء يتمونها من مال محجورهم؛ لأنها إذا وجبت بلا عمل فمعه أولى، ولا يضمن المأخوذَ؛ لأنه بدل عمله. قال ابن جرير: إن الأمة مجمعة على أن مال اليتيم ليس مالًا للولي؛ فليس له أن يأكل منه شيئًا، ولكن له أن يستقرض منه عند الحاجة، كما يستقرض له، وله أن يؤاجر نفسَه لليتيم بأجرة معلومة، إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك، كما يستأجر له غيره من الأجراء غير مخصوص بها حالَ غنى، ولا حالَ فقر، وهكذا الحكم في أموال المجانين، والمعاتيه: جمع معتوه ناقص العقل من غير جنون.

وقد روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس لي مال وإني ولي يتيم، فقال: "كل (١) من مال يتيمك، غير مسرف، ولا متأثل مالًا، ومن غير أن تقي مالك بماله".

والحكمة في هذا: أن اليتيم يكون في بيت الولي كولده، والخير له في تربيته أن يخالط الولي وأهله في المؤاكلة والمعاشرة، فإذا كان الولي غنيًّا لا طمع له في ماله، كانت المخالطة مصلحة لليتيم، وإن كان ينفق فيها شيء من ماله فبقدر حاجته، وإن كان فقيرًا .. فهو لا يستغني عن إصابة بعض ما يحتاج إليه من مال اليتيم الغني الذي في حجره، فإن أكل من طعامه ما جرى به العرف بين الخلطاء غير مصيب من صلب المال شيئًا، ولا متأثل لنفسه منه عقارًا، ولا مالًا


(١) المراغي.