للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ}؛ أي: أعطوا (١) من آتى الرباعي إيتاء بمعنى أعطاه، ومنه قوله تعالى: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} لا من أتى بالقصر إتيانًا إذا جاء، {صَدُقات} جمع صدقة بفتح الصاد، وضم الدال اسم للمهر، وله أسماء كثيرة منها صَدَقة بفتحتين، وبفتح فسكون، وصَدَاق بالفتح والكسر {نِحْلَةً} مصدر من غير لفظ الفعل بل من معناه؛ لأن معنى آتوهن بمعنى أنحلوهن، فهو على حد جلست قعودًا وقمت وقوفًا، وفي "المصباح" ونحله بفتحتين نحلًا مثل قفل إذا أعطيته شيئًا من غير عوض عن طيب نفس، ونحلت المرأة مهرها نحلةَ بالكسر أعطيتها {هَنِيئًا مَرِيئًا} الهنيء هو ما يستلذه الآكل، والمريء، ما تُحمَد عاقبته، كأن يسهلَ هضمه، وتحسُنَ تغذيته، وقيل: ما ينساغ في مجراه الذي هو المريء، وهو ما بين الحلقوم إلى فم المعدة، سمي بذلك لمرور الطعام فيه؛ أي: انسياغه {هَنِيئًا مَرِيئًا} {هَنِيئًا} (٢) مصدر جاء على وزن فعيل، وهو نعت لمصدر محذوف؛ أي: أكلًا هنيئًا، وقيل: هو مصدر في موضع الحال من الهناء، والتقدير: مهنا أو طيبًا ومثله {مَرِيئًا} والمريء، فعيل بمعنى مفعل؛ لأنك تقول: أَمْرَأَني الشيء رباعيًّا إذا لم تستعله مع هَنَاني، فإن قلت هَنَانِي ومَراني لم تأت بالهمزة في مَرَاني؛ لتكون تابعةً لهناني ثلاثيًّا. ذكره أبو البقاء.

وقال أبو حيان (٣): {هَنِيئًا مَرِيئًا} صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ إذا كان سائغًا لا تنغيص فيه، ويقال: هَنَا يهنا بغير همز قيل: واشتقاق الهنيء من هناء البعير، وهو الدواء الذي يطلى به من الجرب، ويُوضع في عقره، والمريء ما يساغ في الحلق كما مر آنفًا انتهى.

{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} وأصل: {تُؤْتُوا} تؤتيوا بوزن تكرموا أستثقلت الضمة على الياء، فحذفت الضمة، فالتقى ساكنان الياء وواو الضمير، فحذفت الياء؛ لئلا يلتقي ساكنان. والسفهاء (٤) جمع سفيه، وهو المبذر للمال المنفق له فيما لا ينبغي، وأصل السفه الخفة والاضطراب، ومنه قيل: زمان سفيه؛ إذا كان كثير


(١) كرخي.
(٢) عكبري.
(٣) البحر المحيط.
(٤) المراغي.