للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي شدّاد العقيلي ساكن البصرة. وقرأ {مليك} على وزن فعيل: أبيّ، وأبو هريرة، وأبو رجاء العطاردي. وقرأ مالِكِ بالإمالة البليغة: يحيى بن يعمر، وأيوب السختياني، وبين بين: قتيبة بن مهران، عن الكسائي، وجهل أبو علي الفارسيّ النقل في قراءة الإمالة، فقال: لم يمل أحد من القرّاء ألف مالك، وذلك جائز إلّا أنّه لا يقرأ بما يجوز إلّا أن يأتي بذلك أثر مستفيض، وذكر أيضا: أنّه قرىء في الشاذ {ملّاك} بالألف، وتشديد اللام، وكسر الكاف. فهذه ثلاث عشرة قراءة بعضها راجع إلى الملك، وبعضها إلى المالك، وهما راجعان إلى الملك، وهو الربط، ومنه: ملك العجين. ذكره أبو حيان.

٥ - {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؛ أي: إيّاك لا غير نخصّ بالعبادة، ونوحّدك، ونطيعك خاضعين لك. وفيه (١) التفات من الغيبة إلى الخطاب، وفائدة ذلك من أوّل السورة إلى هنا ثناء، والثناء في الغيبة أولى، ومن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} دعاء، والخطاب في الدعاء أولى. وقيل: فيه مضمر تقديره: أي: قولوا إيّاك نعبد؛ أي:

إيّاك نخصّ بالعبادة، ونوحدك، ونطيعك خاضعين لك، والعبادة: أقصى غاية الخضوع والتذلّل، وسمّي العبد عبدا؛ لذلّته وانقياده. وقيل: (٢) العبادة: عبارة عن الفعل الذي يؤدّى به الفرض لتعظيم الله تعالى، فقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} معناه: لا أعبد أحدا سواك، والعبادة: غاية التذلّل من العبد، ونهاية التعظيم للرب سبحانه وتعالى؛ لأنّه العظيم المستحقّ للعبادة، ولا تستعمل العبادة إلّا في الخضوع لله تعالى؛ لأنّه مولي أعظم النعم، وهي إيجاد العبد من العدم إلى الوجود، ثمّ هداه إلى دينه فكان العبد حقيقا بالخضوع، والتذلّل له. وقال ابن كثير: والعبادة في الشرع: عبارة عمّا يجمع كمال المحبّة والخضوع. اه.

وعبارة المراغي: والعبادة (٣) خضوع ينشأ عن استشعار القلب بعظمة المعبود اعتقادا بأنّ له سلطانا لا يدرك العقل حقيقته؛ لأنّه أعلى من أن يحيط به


(١) الخازن.
(٢) الخازن.
(٣) المراغي.