للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها (١): أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر، أولًا بأخذ الحذر والاستعداد للقتال والنفر له، وذكر حال المبطئين الذين ضعفت قلوبهم، وأمرهم بالقتال في سبيله، وفي سبيل إنقاذ المستضعفين .. ذكر هنا أن الإِسلام كلفهم ترك ما كانوا عليه في الجاهلية، من تخاصم وتلاحم وحروب مستمرة، ولا سيما بين قبيلتي الأوس والخزرج، فإن الحروب بينهم لم تنقطع إلا بمجيء الإِسلام، وأمرهم بكف أيديهم عن القتال والعدوان على غيرهم، وطلب إليهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لما فيهما من تهذيب النفوس والعطف والرحمة، حتى خمدت من نفوس كثير منهم حمية الجاهلية، وحل محلها شرف العواطف الإنسانية، إلى أن اشتدت الحاجة إلى القتال للذود عن بيضة الإِسلام، ودفع العدوان من أولئك المشركين الذين آذوا المسلمين، وأحبوا فتنتهم في دينهم، وردهم إلى ما كانوا عليه، ففرضه عليهم، فكرهه المنافقون والضعفاء، فنعى ذلك عليهم، ووبخهم أشد التوبيخ، وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة؛ لأنه تعالى لما أمر بالقتال حين طلبوه .. وجب امتثال أمر الله فلما كعَّ - جبن - عنه بعضهم .. قال تعالى: ألا تعجب يا محمَّد من ناس طلبوا القتال، فأمروا بالموادعة، فلما كتب عليهم .. فَرقَ فريق وجزع، ذكره في "البحر المحيط" انتهى.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ....} الآية، سبب نزولها (٢): ما أخرجه النسائي (ج٦/ ص ٣) قال: أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: أنبأنا أبي، قال الحسين بن واقد: عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن عبد الرحمن بن عوف الزهري


(١) المراغي.
(٢) النسائي.