للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما (١) عاتب الله سبحانه وتعالى المؤمنين على ما صدر منهم، من قتل من تكلم بالشهادة .. ذكر هنا فضيلة الجهاد، وأن من نصب نفسه له .. فقد فاز فوزًا عظيمًا، فعليه أن يحترز من الوقوع في الهفوات التي تخل بهذا المنصب العظيم، انتهت.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: هي أنه تعالى لما ذكر ثواب من أقدم على الجهاد .. أتبعه بعقاب من قعد عن الجهاد، وسكن في بلاد الكفر، وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر في الآية السالفة فضل المجاهدين في سبيل الله على القاعدين بغير عجز .. ذكر هنا حال قوم أخلدوا إلى السكون، وقعدوا عن نصرة الدين، وعذروا أنفسهم بأنهم في أرض الكفر، حيث غلبهم الكافرون، ومنعوهم من إقامة الحق، وهم عاجزون عن مقاومتهم، ولكنهم في الحقيقة غير معذورين؛ لأنه كان يجب عليهم الهجرة إلى المؤمنين الذي يعتزون بهم، إذ هم بحبهم لبلادهم وإخلادهم إلى أرضهم وسكونهم إلى أهليهم ومعارفهم ضعفاء في الحق، لا مستضعفون، وهم بضعفهم هذا قد حرموا أنفسهم بترك الهجرة من خير الدنيا مما أفاء الله به على المؤمنين، ومن خير الآخرة بإقامة الحق وإعلاء كلمة الدين. وظلمهم لأنفسهم هو بتركهم العمل بالحق خوفًا من الأذى، وفقد الكرامة عند ذوي قرابتهم من المبطلين، وهذا الاعتذار وما أشبهه مما يعتذر به الذين سايروا أهل البدع على بدعهم في عصرنا الحاضر، بحجة دفع الأذى عن أنفسهم بمدارة المبطلين، وذلك عذر لا يعتد به، إذ الواجب عليهم إقامة الحق مع احتمال الأذى في سبيل الله، أو الهجرة إلى حيث يتمكنون من إقامة دينهم.

أسباب النزول

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ...} الآية، في سبب نزول هذه الآية روايات كثيرة (٢):


(١) المراغي.
(٢) المراغي.