للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آرائهم، وحل عزائمهم، وتفرق كلمتهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم، فهم لا يريدون محاربة أحد إلا غلبوا وقهروا، ولم يقم لهم نصر من الله تعالى على أحد، وقد أتاهم الإسلام وهم في ملك المجوس، ومنها الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. لإفادة العموم. وفي قوله {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. للتسجيل عليهم بالرسوخ في الكفر.

ومنها: التعميم بعد التخصيص في قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ}. ليعم سائر الكتب الإلهية.

ومنها: الاستعارة في قوله: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} لأنه (١) استعارة عن سبوغ النعم عليهم، وتوسعة الرزق عليهم، كما يقال: قد عمه الرزق من فرقه إلى قدمه، ولا فوق ولا تحت، حكاه الطبري والزجاج.

ومنها: المقابلة في قوله: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ} لأنَّ المراد بالأمة الجماعة القليلة للمقابلة لها بقوله: {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ}.

ومنها: التشريف في قوله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ}: لأنَّه ناداه بالصفة الشريفة التي هي أشرف أوصاف الجنس الإنساني.

ومنها: التحقير في قوله: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} لأنَّ في هذا التعبير من التحقير والتصغير ما لا غاية وراءه.

ومنها: التلطف في قوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} لأنَّه أضاف الاسم الجليل إليهم تلطفًا معهم في الدعوة.

ومنها: الإجمال الذي يقصد به التفصيل في قوله حتى {حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ}. إلخ لأنه جمع في الضمير، والمقصود منه التفصيل؛ أي: حتى يقيم أهل التوراة، وأهل الإنجيل.


(١) البحر المحيط.