للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتحلّى بالعلم والعمل، ويجتنب عن الخطاء، والزلل، والبطالة، ويطيع ربّه خالصا لوجهه الكريم، ويعبده بقلب سليم.

وفي الحديث: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله تعالى يوم يجازي العباد بأعمالهم»: (اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون لهم في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم خيرا). وإنّما يقال لهم ذلك: لأنّ عملهم في الدنيا كان على وجه الخداع، فيعاملون في الآخرة على وجه الخداع، كذا في «تنبيه الغافلين».

وأخرج (١) أحمد بن منيع في «مسنده» بسند ضعيف، عن رجل من الصحابة: «أنّ قائلا من المسلمين قال: يا رسول الله ما النجاة غدا؟ قال: «لا تخادع الله»، قال: وكيف نخادع الله؟ قال: «أن تعمل بما أمرك الله به تريد به غيره، فاتقوا الرياء، فإنّه الشرك بالله، فإنّ المرائي ينادى يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء»: يا كافر، يا فاجر، يا خاسر، يا غادر ضلّ عملك، وبطل أجرك فلا خلاق لك اليوم عند الله، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع، وقرأ آيات من القرآن {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا} الآية، {وإِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ} الآية. وأخرج ابن جرير، عن ابن وهب قال: سألت ابن زيد عن قوله: {يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}؟ قال: هؤلاء المنافقون يخادعون الله ورسوله والذين آمنوا، أنّهم مؤمنون بما أظهروه.

وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو (٢): {يُخادِعُونَ} بالألف في الموضعين، وقرأ حمزة، وعاصم، والكسائي، وابن عامر في الثاني {يَخْدَعُونَ} بلا ألف.

والمراد بمخادعتهم أنفسهم: أنّهم يمنّونها الأماني الباطلة، وهي كذلك تمنّيهم.

والحاصل: أنّه قد نفى (٣) الشعور عنهم في مخادعتهم؛ لأنّهم لم يحاسبوا


(١) الشوكاني.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.