للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي علقوا بها الرجاء فيها، ويحتمل أنهم يشاهدونهم، ولكن لما لم ينفعوهم .. فكأنهم غيب عنهم. وقال ابن (١) عباس: وكل زعم في كتاب الله، فهو كذب.

وعطف (٢) بـ {ثم} الدالة على التراخي نظرًا للتراخي الحاصل بين مقامات يوم القيامة في المواقف، فإن فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخٍ على حسب طول ذلك اليوم.

وقرأ الجمهور: {نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ} بالنون فيهما. وقرأ حميد ويعقوب فيهما بالياء. وقرأ أبو هريرة: {نَحْشُرُهُمْ} بكسر الشين.

٢٣ - ثم أخبر سبحانه وتعالى بأنهم يوم القيامة ينكرون ذلك الشرك، فقال: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ}، والفتنة هنا: الشرك، ولكنه على حذف مضاف؛ أي: ثم لم تكن عاقبة فتنتهم وشركهم {إِلَّا أَنْ قَالُوا}؛ أي: إلا أن أقسموا بالله يوم القيامة بقولهم {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وذلك إذا شاهدوا يوم القيامة مغفرة الله تعالى لأهل التوحيد، فيقول بعضهم لبعض: تعالوا نكتم الشرك لعلنا ننجو مع أهل التوحيد، فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين، فيختم على أفواههم، وتشهد عليهم جوارحهم بالشرك والكفر. وظاهر (٣) الآيات يدل على أنهم كانوا ينكرون في بعض مواقف الحشر شركهم بالله توهمًا منهم أن ذلك ينفعهم كما جاء في هذه الآية، ويعترفون به في بعض آخر كما جاء في قوله: {هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ}، وفي قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا}.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا}؛ لأن معناهما متعارضان، فقال: أما قوله: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فإنهم لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام قالوا: تعالوا لنجحد إشراكنا فـ {قَالُوا وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فختم الله على أفواههم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم، وذلك قوله تعالى: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا}.

قال الزجاج: تأويل هذه الآية حسن في اللغة العربية، لا يعرفه إلا من


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.