للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً} والمراد (١) بالبغتة: العذاب الذي يأتيهم فجأة من غير سبق علامة، والمراد بالجهر: العذاب الذي يأتيهم مع سبق علامة تدل عليه.

{فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}؛ أي: بلحوق العذاب.

{وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}؛ أي: بفوات الثواب.

{يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ} والمس: اللمس باليد، ويطلق على ما يصيب المدرك مما يسوء غالبًا، من ضر وشر وكبر ونصب وعذاب.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ}؛ لأنه شبه الكفار بالموتى بجامع عدم العقل في كلٍ، واستعير اسم المشبه به وهو الموتى للمشبه وهو الكفار، على طريقة الاستعارة التصريحية.

وقال أبو حيان (٢): وتشبيه الكافر بالميت من حيث إن الميت جسده خالٍ من الروح، فيظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات، وأصلح أحواله دفنه تحت التراب، والكافر روحه خالية عن العقل، فيظهر منه جهله بالله تعالى ومخالفته لأمره، وعدم قبوله لمعجزات الرسل، وإذا كانت روحه خالية من العقل .. كان مجنونًا، فأحسن أحواله أن يقيد؛ أي: يحبس، فالعقل بالنسبة إلى الروح، كالروح بالنسبة إلى الجسد. انتهى.

ومنها: التجريد في قوله: {وَلَا طَائِرٍ}؛ لأن الطائر يندرج في الدابة.

فذكر (٣) الطائر بعد ذكر الدابة تخصيص بعد تعميم، وذكر بعض من كل، فصار من باب التجريد.

ومنها: التأكيد بقوله: {بِجَنَاحَيْهِ} لدفع توهم المجاز في طائر مع كون


(١) الفتوحات.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.