للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معلوم، إلّا ما كان من يوم الطوفان من ماء، فإنّه نزل بلا كيل ولا وزن، كذا في تفسير «التيسير».

قال الشوكاني (١): وفائدة ذكر نزوله من السماء مع كونه لا يكون إلّا منها:

أنّه لا يختص نزوله بجانب منها دون جانب. وإطلاق السماء على المطر واقع كثيرا في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

{فِيهِ} أي: في ذلك الصيّب {ظُلُماتٌ}؛ أي: أنواع من ظلمات، وهي ظلمة تكاثفه وانتساجه بتتابع القطر، وظلمة إظلال ما يلزمه من الغمام المطبق الآخذ بالآفاق مع ظلمة الليل وليس في الآية ما يدلّ على ظلمة الليل،

٢٠ - لكن يمكن أن يؤخذ ظلمة الليل من سياق الآية، حيث قال تعالى بعد هذه الآية: {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ} وبعده {وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا}. فإنّ خطف البرق البصر، إنما يكون غالبا في ظلمة الليل، وكذا وقوف الماشي عن المشي، إنما يكون إذا اشتدت ظلمة الليل، بحيث يحجب الأبصار عن إبصار ما هو أمام الماشي من الطريق وغيره، وظلمة سحمة السحاب وتكاثفه في النهار، لا يوجب وقوف الماشي عن المشي. وجعل (٢) المطر محلّا للظلمات، مع أنّ بعضها لغيره، كظلمة الغمام والليل؛ لما أنّهما جعلتا من توابع ظلمته مبالغة في شدّته، وتهويلا لأمره، وإيذانا بأنّه من الشدة والهول، بحيث تغمر ظلمته ظلمات الليل والغمام.

{وَرَعْدٌ} هو صوت قاصف شديد يسمع من السحاب، والصحيح الذي عليه المعوّل: أنّه اسم لصوت الملك الذي يزجر السحاب، لما روى الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سألت اليهود النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الرعد ما هو؟ قال:


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.