للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

روى البخاري (١) عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مفاتيح الغيب خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)} ".

وما حكاه الله تعالى عن عيسى عليه السلام من قوله: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}، وما قاله يوسف عليه السلام لصاحبي السجن: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ} داخل فيما يظهر الله عليه رسله من علم الغيب، كما قال تعالى في سورة الجن: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}، وجاء في معنى الآية: قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٤) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥)}.

وروى البخاري عن عمران بن حصين مرفوعًا: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض".

وفي (٢) هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين والرمليين وغيرهم من المدعين ما ليس من شأنهم، ولا يدخل تحت قدرتهم، ولا يحيط به علمهم، ولقد ابتلي الإِسلام وأهله بقوم سوء من هذه الأجناس الضالة والأنواع المخذولة، ولم يربحوا من أكاذيبهم وأباطيلهم بغير خطة السوء المذكورة في قول الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهنًا أو منجمًا .. فقد كفر بما أنزل الله على محمد".

{وَيَعْلَمُ} سبحانه وتعالى {مَا فِي الْبَرِّ} من النبات والدواب {و} ما في {البحر} من الحيوان والجواهر وغيرهما. وإنما (٣) قدم ذكر البر؛ لأن الإنسان قد شاهد أحوال البر، وكثرة ما فيه من المدن والقرى والمفاوز والجبال والتلال والحيوان والنبات والمعادن. وإنما أخر البحر في الذكر؛ لأن إحاطة العقل بأحواله أقل، لكن الحس يدل على أن عجائب البحر أكثر، وأجناس المخلوقات فيه أعجب، وأن طول البحر وعرضه أعظم.


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.