للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أي والله مطّلع على أسرارهم، عالم بما في ضمائرهم، قادر على أخذهم أينما كانوا، فما صنعوا من سدّ الآذان بالأصابع لا يغني عنهم من الله شيئا، إذ لا يغني حذر من قدر، فمن لم يمت بالصاعقة مات بغيرها.

وقوله: {يَكادُ الْبَرْقُ} من تمام المثل، وأمّا قوله: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ} فجملة معترضة بين أجزاء المشبّه به، كما مرّ قريبا، جيء بها تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: يقرب البرق لشدّته وقوته، وكثرة لمعانه {يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ}؛ أي: يختلس أبصار أصحاب الصيّب ويستلبها، ويأخذها بسرعة، ويذهبها من شدّة ضوئه.

وجملة يكاد مستأنفة استئنافا بيانيا، واقعا في جواب سؤال مقدر، كأنّه قيل:

فكيف حالهم مع ذلك البرق؟ فقيل: يكاد ذلك البرق يخطف أبصارهم.

وقرأ مجاهد، وعليّ بن الحسين، ويحيى بن زيد (١): {يَخْطَفُ} بسكون الخاء وكسر الطاء. قال ابن مجاهد: وأظنه غلطا، واستدل على ذلك: بأنّ أحدا لم يقرأ {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} بالفتح. وقال الزمخشري: الفتح - يعني في المضارع - أفصح. انتهى. والكسر في طاء الماضي لغة قريش، وهي أفصح، وبعض العرب يقول: خطف بفتح الطاء يخطف بالكسر. قال ابن عطيّة: ونسب المهدوي هذه القراءة إلى الحسن، وأبي رجاء، وذلك وهم. وقرأ علي، وابن مسعود {يختطف}. وقرأ أبيّ {يتخطّف}، وقرأ الحسن أيضا {يخطّف} بفتح الياء والخاء والطاء المشددة. وقرأ الحسن أيضا، والجحدري، وابن أبي إسحاق {يخطّف} بفتح الياء والخاء وتشديد الطاء المكسورة، وأصله: {يختطف}، وقرأ الحسن أيضا، وأبو رجاء، وعاصم، والجحدري وقتادة {يخطّف} بفتح الياء وكسر الخاء والطاء المشددة. وقرأ أيضا الحسن، والأعمش {يخطّف} بكسر الثلاثة وتشديد الطاء. وقرأ زيد بن علي {يخطّف} بضمّ الياء وفتح الخاء وكسر الطاء المشددة، من (خطّف) المضعف، وهو تكثير مبالغة لا تعدية. وقرأ بعض أهل المدينة {يخطّف} بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء المكسورة.


(١) البحر المحيط.