للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعبارة "المراغي" هنا (١) أي: ودَعْ أيها الرسول ومن تبعك من المؤمنين هؤلاء المشركين، الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا، وغرتهم الحياة الدنيا الفانية، فآثروها على الحياة الباقية، واشتغلوا بلذاتها الحقيرة الفانية المشوبة بالمنغصات عما جاءهم من الحق مؤيدًا بالحجج والآيات، فاستبدلوا الخوض فيها بما كان يجب من فقهها وتدبرها، ونحو الآية قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)}. واتخاذهم دينهم لعبًا ولهوًا؛ أنهم لما عملوا ما لا يزكي نفوسهم، ولا يطهر قلوبهم، ولا يهذب أخلاقهم، ولا يقع على وجه يرضي الله سبحانه، ولا يعد للقائه في دار الكرامة .. أضاعوا الوقت فيما لا يفيد، وهذا هو اللعب، أو شغلوا عن شؤونهم وهمومهم الأخروية وهذا هو اللهو.

وبعد أن أمره بترك المستهزئين بدينهم أمره بالتذكير بالقرآن، وتبليغ الرسالة، فقال: {وَذَكِّرْ بِهِ}؛ أي: وذكر يا محمَّد بالقرآن وعظ به هؤلاء المشركين وغيرهم مخافة {أَنْ تُبْسَلَ} وتحبس {نَفْسٌ} في جهنم وتهلك فيها {بِمَا كَسَبَتْ}؛ أي: بسبب ما كسبت وعملت من الشرك والمعاصي، والضمير في قوله: {بِهِ} يعود على القرآن المعلوم من السياق؛ لأنه هو الذكر، بُعث به الرسول المذكر.

والمعنى (٢): وذكرهم بالقرآن ومواعظه، وعرفهم الشرائع لكي لا تهلك نفس وترتهن في جهنم بسبب الجنايات التي اكتسبت في الدنيا، وتحرم الثواب في الآخرة ثم وصف النفس المبسلة، وعلل إبسالها، فقال: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: ليس لتلك النفس التي هلكت من دون الله {وَلِيٌّ}؛ أي: ليس لها ولي يلي أمرها، وناصر ينصرها غير الله تعالى {وَلَا شَفِيعٌ} يشفع لها في الآخرة عند الله إلا بإذنه، كما قال: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، وقال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}، وقال: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}.


(١) المراغي.
(٢) الخازن.