للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أن المقصود الأعظم هو معرفة الله سبحانه وتعالى بجميع صفاته وأفعاله، وأنه مبدع الأشياء وخالقها، ومن كان كذلك .. كان هو المستحق للعبادة، لا هذه الأصنام التي كانوا يعبدونها، وتعريفًا منه خطأ ما كانوا عليه من الإشراك الذي كانوا عليه.

وعبارة "المراغي" هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى بعد أن (١) أثبت أمر التوحيد، ثم أردفه بتقرير أمر النبوة والبعث، وذكر مسائل لها ملابسات لهذه الأصول .. عاد هنا وفصَّل طائفة من آيات التكوين تدل أوضح الدلالة على وحدانيته تعالى وقدرته وعلمه وحكمته، وبيان سننه في خلقه، وحكمه في الإحياء والإماتة، والأحياء والأموات، وتقديره وتدبيره لأمر النيرات في السموات، وإبداعه في شؤون النبات.

قوله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما استدل (٢) على باهر حكمته وقدرته بدلالة أحوال النبات والحيوان، وذلك من الأحوال الأرضية .. استدل أيضًا على ذلك بالأحوال الفلكية؛ لأن فلق الصبح أعظم من فلق الحب والنوى؛ لأن الأحوال الفلكية أعظم وقعًا في النفوس من الأحوال الأرضية.

قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (٣) ذكر البراهين الدالة على تفرده بالخلق والتدبير في عالم السموات والأرض .. ذكر هنا بعض ضروب الشرك التي قال بها بعض العرب وروى التاريخ مثلها عن كثير من الأمم، وهي اتخاذ شركاء لله من عالم الجن المستتر عن العيون، أو اختراع نسل له من البنين والبنات.

وقال أبو حيان (٤): مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر ما اختص به من باهر قدرته ومتقن صنعته، وامتنانه على عالم الإنسان


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) البحر المحيط.