للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مشركي العرب في إنكارهم البعث .. ذكر أنواعا من جهالاتهم تنبيها على ضعف عقولهم، وفي قوله: {مِمَّا ذَرَأَ} أنه تعالى كان أولى أن يجعل له الأحسن والأجود، وأن يكون جانبه تعالى هو الأرجح إذ كان تعالى هو الموجد لما جعلوا له منه نصيبا، والقادر على تنميته دون أصنامهم العاجزة عن ما يحل بها فضلا أن تخلق شيئا أو تنميه.

وعبارة «المراغي» هنا: بعد أن (١) حاجّ الله سبحانه وتعالى المشركين وسائر العرب في كثير من أصول الدين، وكان آخرها البعث والجزاء .. ذكر هنا بعض عبادتهم في الحرث والأنعام، والتحليل والتحريم بباعث الأهواء النفسية، والخرافات الوثنية، انتهت.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٢): أنه سبحانه وتعالى لما أخبر عنهم أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله .. أخذ يذكر تعالى ما امتن به عليهم من الرزق الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى افتراء منهم عليه واختلافا، فذكر نوعي الرزق النباتي والحيواني، فبدأ بالنباتي كما بدأ به في الآية المشبهة لهذا، واستطرد منه إلى الحيواني إذ كانوا قد حرموا أشياء من النوعين.

وعبارة «المراغي» هنا: علمت (٣) فيما سلف أن أصول الدين التي عني الكتاب الكريم بذكرها، واهتم ببيانها، وكررها المرة إثر المرة هي التوحيد والنبوة والبعث والقضاء والقدر، وقد بالغ سبحانه وتعالى في تقرير هذه الأصول، وأتبعها بذكر آراء لهم سخيفة وكلمات فاسدة في التحليل والتحريم تنبيها على ضعف عقولهم، وتنفيرا للناس من اتباع آرائهم والسير على أهوائهم.

قوله تعالى: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله (٤) سبحانه وتعالى لما أمر بالأكل من ثماره، وبإيتاء حقه .. نهى


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) البحر المحيط.