للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فنزلت: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ...}، ونزلت: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ...} الآيتين.

وأخرج (١) عبد بن حميد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان الناس يطوفون بالبيت عراة، ويقولون لا نطوف في ثياب أذنبنا فيها، فجاءت امرأة فألقت ثيابها، فطافت ووضعت يدها على قبلها، وقالت:

اليوم يبدو بعضه أو كلّه ... فما بدا منه فلا أحلّه

فنزلت هذه الآية.

وقال مجاهد (٢): كان حي من أهل اليمن، كان أحدهم إذا قدم حاجا أو معتمرا يقول: لا ينبغي أن أطوف في ثوب قد عصيت فيه، فيقول: من يعيرني مئزرا، فإن قدر عليه، وإلا طاف عريانا، فأنزل الله تعالى فيه ما تسمعون: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.

وقال الزهري: إن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس، وهم قريش وأحلافهم، فمن جاء من غير الحمس وضع ثيابه، وطاف في ثوب أحمسي، ويرى أنه لا يحل له أن يلبس ثيابه، فإن لم يجد من يعيره من الحمس، فإنه يلقي ثيابه، ويطوف عريانا، وإن طاف في ثياب نفسه ألقاها إذا قضى طوافه وحرمها؛ أي: جعلها حراما عليه؛ فلذلك قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} والمراد من الزينة لبس الثياب التي تستر العورة.

قال مجاهد: ما يواري عوراتكم ولو عباءة. وقال الكلبي: الزينة ما يواري العورة عند كل مسجد كطواف وصلاة، وقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} أمر، وظاهره الوجوب، وفيه دليل على أن ستر العورة واجب في الصلاة، والطواف، وفي كل حال من الأحوال، وإن كان الرجل خاليا كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة.


(١) المراغي.
(٢) الخازن.