للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَنْصَحُ لَكُمْ} يقال (١): نصحته ونصحت له كما يقال شكرته وشكرت له، والنصح: إرادة الخير لغيره كما يريده لنفسه. وقيل: النصح: تحري قول أو فعل فيه صلاح للغير. وقيل: حقيقة النصح تعريف وجه المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكر.

والمعنى: أنه قال: أبلغكم جميع تكاليف الله وشرائعه، وأرشدكم إلى الوجه الأصلح والأصوب لكم، وأدعوكم إلى ما دعاني إليه، وأحب لكم ما أحب لنفسي. قال بعضهم: والفرق بين إبلاغ الرسالة وبين النصيحة هو أن تبليغ الرسالة أن يعرفهم جميع أوامر الله ونواهيه، وجميع أنواع التكاليف التي أوجبها عليهم، وأما النصيحة فهي أن يرغبهم في قبول تلك الأوامر والنواهي والعبادات، ويحذرهم عذابه إن عصوه.

{ذِكْرٌ} والذكر: الموعظة. {عَلى رَجُلٍ}؛ أي: على لسانه {مِنْكُمْ}؛ أي: من جنسكم {فِي الْفُلْكِ} وفي «المختار»: الفلك السفينة واحد وجمع تذكر وتؤنث قال تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} فأفرد وذكر، وقال: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ} فأنث، ويحتمل الإفراد والجمع، وقال: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} فجمع وكأنه يذهب (٢) بها إذا كانت واحدة إلى المركب فتذكر، وإلى السفينة فتؤنث. اه.

{عَمِينَ} عن فهم الحق (٣) جمع عم صفة مشبهة لكن تصرف فيه بحذف لامه كقاض إذا جمع، فأصله عميين بيائين: الأولى مكسورة، والثانية ساكنة حذفت الأولى تخفيفا على حد قول ابن مالك:

واحذف من المقصور في جمع على ... حدّ المثنّى ما به تكمّلا

وفي «السمين» ويقال: عم إذا كان أعمى البصير غير عارف بأموره،


(١) الفتوحات.
(٢) أي فكأنه يلاحظ فيها معنى المركب فتذكر، أو معنى السفينة فتؤنث اه مؤلفه.
(٣) الفتوحات.