للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستذلوهم، وعدوهم أراذل، وقوله: {لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} بدل من الموصول بإعادة الجار بدل كل من كل إن قلنا: إن ضمير مِنْهُمْ عائد إلى قومه؛ أي: قالوا للمؤمنين الذين استضعفوهم بطريق الاستهزاء والسخرية، أو بدل بعض من كل إن قلنا: إن الضمير عائد إلى الذين استضعفوا؛ لأن في المستضعفين من ليس بمؤمن، ومقول القول قوله: {أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحًا مُرْسَلٌ} إلينا وإليكم {مِنْ رَبِّهِ}؛ أي: لا تعلمون ذلك، والاستفهام فيه (١) للإنكار {قالُوا}؛ أي: قال المستضعفون جوابا عن سؤال المستكبرين {إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ} صالح {مُؤْمِنُونَ}؛ أي: نحن مصدقون بما جاء به صالح من ربه، أجابوهم (٢) بأنهم مؤمنون برسالته مع كون سؤال المستكبرين لهم إنما هو عن العلم منهم هل تعلمون برسالته أم لا مسارعة إلى إظهار ما لهم من الإيمان، وتنبيها على أن كونه مرسلا أمر واضح مكشوف لا يحتاج إلى السؤال عنه، فأجاب المستكبرون تمردا وعنادا بقولهم: {إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ}؛ أي: إنا بالذي صدقتم به من نبوة صالح منكرون وجاحدون.

وعبارة المراغي هنا: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ...} الخ. قد (٣) جرت سنة الله أن يكون الفقراء المستضعفون أسرع الناس إلى إجابة دعوة الأنبياء والرسل، وإلى كل دعوة لإصلاح، فإنه لا يثقل عليهم أن يكونوا تابعين لغيرهم، وأن يكفر بها أكابر القوم وأغنياؤهم المترفون إذ يشق عليهم أن يكونوا مرؤوسين لسواهم، كما يصعب عليهم الامتناع عن الإسراف في الشهوات، والوقوف عند حدود الاعتدال. وعلى هذا السنن سار الملأ من قوم صالح إذ قالوا للمؤمنين منهم: أتعلمون أن صالحا رسول من عند الله، ومرادهم بهذا: التهكم والاستهزاء بهم.

{قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}؛ أي: إنا بما أرسل به صالح من


(١) زاد المسير.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.