للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعد ثمّ قراءة الكسائي وقالون، وقلّ بعد كاف الجر، وهمزة الاستفهام، وندر بعد لكن في قراءة أبي حمدون لكنّ هو الله ربّي، ذكره في «البحر».

وحاصل معنى الآية: {هُوَ}؛ أي: (١) الإله الذي ثبتت وحدانيته، ووجبت عبادته هو الخالق {الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ}؛ أي: لأجل انتفاعكم في الدين والدنيا، بالاستدلال على موجدكم وإصلاح الأبدان {ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}؛ أي: الأرض، وجميع ما فيها، بعضه للانتفاع وبعضه للاعتبار. {ثُمَّ اسْتَوى}؛ أي: قصد، ووجّه إرادته بعد خلق الأرض {إِلَى} خلق طباق {السَّماءِ} {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ}؛ أي: صيّرهنّ سبع طباق مستويات، لا شقوق فيها، ولا فطور، ولا تفاوت. {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ} من الموجودات {عَلِيمٌ}؛ أي: عالم به، إذ بالعلم يصحّ الفعل المحكم، فلا يمكن أن يكون خالقا للأرض وما فيها، وللسموات وما فيها من العجائب والغرائب، إلّا إذا كان عالما بها محيطا بجزئياتها

وكلّياتها، أفلا تعتبرون بأنّ القادر على خلق ذلك وهنّ أعظم منكم قادر على إعادتكم. بلى إنّه على كلّ شيء قدير.

والخلاصة: أنّ هذا النظام المحكم لا يكون إلّا من لدن حكيم عليم بما خلق، فلا عجب أن يرسل رسولا يوحي إليه بكتاب لهداية من يشاء من عباده، يضرب فيه الأمثال بما شاء من مخلوقاته جلّ أو حقر، عظم أو صغر.

فائدة: وفي معنى الاستواء هنا سبعة أقوال للعلماء (٢):

أحدها: أقبل وعمد إلى خلقها، وقصد من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شيء آخر، قاله الفرّاء، واختاره الزمخشري.

وثانيها: علا، وارتفع من غير تكييف ولا تحديد، قاله الربيع بن أنس، والتقدير: علا أمره وسلطانه، واختاره ابن جرير.


(١) العمدة.
(٢) البحر المحيط بتصرف.