للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لما نقله «زاده على البيضاوي» عن ابن عباس: أنّه صام تلك المدة الليل والنهار، فكان يواصل الصوم، وحرمة الوصال إنما هي على غير الأنبياء. اه شيخنا.

وفي «الخازن» (١) قال المفسرون: إن موسى عليه السلام وعد بني إسرائيل - وهو بمصر - إذا أهلك الله تعالى عدوهم فرعون أن يأتيهم بكتاب من عند الله تعالى، فيه بيان ما يأتون وما يذرون، فلما أهلك الله تعالى فرعون سأل موسى ربه أن ينزل عليه الكتاب الذي وعد به بني إسرائيل، فأمره أن يصوم ثلاثين يوما فصامها - وهي شهر ذي القعدة - فلما أتم الثلاثين .. أنكر خلوف فمه فتسوك بعود خرنوب فقالت الملائكة: كنا نشم من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك، فأمره الله أن يصوم عشر ذي الحجة وقال له: «أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟» فكانت فتنة بني إسرائيل في تلك العشر التي زادها الله تعالى لموسى عليه السلام، وقيل: أمره بأن يتخلى ثلاثين يوما بالصوم والعبادة، ويعمل فيها ما يتقرب به، ثم كلمه وأعطاه الألواح في العشر التي زادها فلهذا قال: وأتممناها بعشر.

وهذا التفصيل الذي ذكره هنا هو تفصيل ما أجمله في سورة البقرة وهو قوله تعالى: {وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} فذكره هناك على الإجمال وهنا على التفصيل اه.

وفي «زاده على البيضاوي» (٢): ما الحكمة في تفصيل الأربعين هنا إلى الثلاثين والعشر مع الاقتصار على الأربعين في البقرة حيث قال: {وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}؟ وتقرير الجواب: أنّ الحكمة في التفصيل هنا الإشارة إلى أنّ أصل المواعدة كان على صوم الثلاثين، وزيادة العشرة كانت لإزالة الخلوف، وما ذكره في سورة البقرة فهو بيان للحاصل وجمع بين العددين، أو يقال: فصل الأربعين هنا إلى مدتين لكون ما وقع في إحدى المدتين مغايرا لما وقع في الأخرى، فالثلاثون للتقرب، والعشر لإنزال التوراة. انتهى.


(١) الخازن.
(٢) زاده.