للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هما اسمان بنيا على الفتح كاسم واحد، كخمسة عشر ونحوه، فعلى قوله: ليس مضافا إليه ابن، والحركة حركة بناء.

وقرأ باقي السبعة: بكسر الميم، فقياس قول الكوفيين: أنّه معرب وحذفت ياء المتكلم، واجتزىء عنها بالكسرة، كما اجتزؤا بالفتحة عن الألف المنقلبة عن ياء المتكلم، وقال سيبويه: هو مبني أضيف إلى ياء المتكلم، كما قالوا: يا أحد عشر أقبلوا، وحذفت الياء، واجتزؤا عنها بالكسرة، وقرىء بإثبات ياء الإضافة فتقول: يا ابن أمي. وقرىء ابن أمّ بكسر الهمزة والميم. {فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ}؛ أي: فلا تفرح الأعداء أصحاب العجل بما تفعل بي من المكروه؛ أي: فلا تفعل بي من اللوم والتقريع ما يجعل الأعداء يشمتون ويفرحون بي.

وقرأ ابن محيصن (١): {تُشْمِتْ} بفتح التاء وكسر الميم ونصب الأعداء.

ومجاهد كذلك، إلا أنّه فتح الميم، وعن مجاهد أيضا {فَلا تُشْمِتْ} بفتح التاء والميم ورفع الأعداء، وعن حميد بن قيس كذلك، إلا أنّه كسر الميم، جعلاه فعلا لازما فارتفع به الأعداء.

{وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}؛ أي: لا تعجلني في زمرة القوم الظالمين لأنفسهم، وهم الذين عبدو العجل، فتغضب مني كما غضبت منهم، وتؤاخذني كما آخذتهم؛ فإني لست منهم في شيء؛ أي: ولا تظن أنّي واحد من الذين عبدوا العجل مع برائتي منهم، وإنما قال هارون تلك المقالة لأنّه خاف أن يتوهم جهال بني إسرائيل أنّ موسى عليه السلام غضبان عليه، كما أنّه غضبان على عبدة العجل.

وفي هذا دليل على أنّ هارون كان دون موسى في شدة العزيمة، وقوة الإرادة، وأخذ الأمور بالحزم، وهذا ما أطبق عليه المسلمون وأهل الكتاب،

١٥١ - ثم أبان سبحانه أثر هذا الاستعطاف في قلب موسى عليه السلام فقال: {قالَ} موسى {رَبِّ اغْفِرْ لِي} فيما أقدمت على أخي هارون من هذا الغضب {وَلِأَخِي} في تركه


(١) البحر المحيط.