للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي «المصباح» مسكت بالشيء مسكا، من باب ضرب، وتمسكت وامتسكت بمعنى أخذت به وتعلقت واعتصمت، وأمسكته بيدي إمساكا قبضته باليد، وأمسكت عن الأمر: كففت عنه. اه. {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ}؛ أي: رفعناه، كما روى عن ابن عباس أو زلزلناه، وهو مرفوع يقال: نتق السقاء إذا هزه ونفضه ليخرج منه الزبد، أو اقتلعناه، كما هو رأي كثير من العلماء، وفي «الفتوحات»:

{والنتق} اختلفت فيه عبارات أهل اللغة، فقال أبو عبيدة: هو قلع الشيء من موضعه والرمي به، ومنه نتق ما في الجراب إذا نفضه فرمى ما فيه، وامرأة ناتق ومنتاق إذا كانت كثيرة الولادة، وفي الحديث: «عليكم بزواج الأبكار فإنهم أنتق أرحاما وأطيب أفواها وأرضى باليسير» وقيل: النتق الجذب بشدة، ومنه نتقت السقاء إذا جذبته بشدة لتقلع الزبدة من فمه، وقال الفراء: هو الرفع، وقال ابن قتيبة: هو الزعزعة وبه فسر مجاهد، وكل هذه معان متقاربة، وقد عرفت أن {فَوْقَهُمْ} يجوز أن يكون منصوبا بنتق؛ لأنّه بمعنى رفع وقلع اه «سمين»، ونتق من باب نصر كما في «المختار».

{كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} والظلة كل ما أظلك من سقف بيت، أو سماء، أو جناح طائر، والجمع ظلل وظلال {مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} والظهور جمع ظهر، وهو ما فيه العمود الفقري لهيكل الإنسان الذي هو قوام بنيته فيصح أن يعبر به عن جملة الجسد {ذُرِّيَّتَهُمْ} والذرية سلالة الإنسان من الذكور والإناث، شَهِدْنا والشهادة تارة قولية كما قال: {قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا ...} الآية وتارة تكون حالية، كما قال: {ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}؛ أي: حالهم شاهدة عليهم بذلك، لا أنهم قائلون ذلك.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة، وضروبا من الفصاحة والبيان والبديع.

فمنها: التكرار في قوله: {اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ} {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} وفي قوله: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} {يَوْمَ سَبْتِهِمْ}.