للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية لما قبلها: أنّه تعالى لما ذكر أنّه هو الهادي وهو المضل .. أعقبه بذكر من خلق للخسران والنار، وذكر أوصافهم فيما ذكر، وفي ضمنه وعيد الكفار.

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما بين (١) في الآية السالفة أنّ المخلقين لجهنم لما يستعملوا عقولهم ومشاعرهم في الاعتبار بالآيات، والتفقه في تزكية أنفسهم بالعلم النافع، فأورثهم ذلك الإهمال الغفلة التامة عن صلاح أنفسهم، بذكر الله تعالى وشكره والثناء عليه بما هو أهله من صفات الكمال .. أردف ذلك بذكر الدواء لتلك الغفلة، والوسائل التي تخرج إلى ضدها، وهي ذكر الله تعالى، ودعاؤه في السر والعلن، بكرة وعشيا.

وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر (٢) أنّه ذرأ كثيرا من الجن والإنس للنار .. ذكر نوعا منهم - وهم يلحدون في أسمائه - وهم أشد الكفار عتيا، أبو جهل وأحزابه، وأيضا لما نبه على أن دخول جهنم هو للغفلة عن ذكر الله تعالى، والمخلص من العذاب هو ذكر الله تعالى .. أمر بذكر الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، والقلب إذا غفل عن ذكر الله وأقبل على الدنيا وشهواتها وقع في الحرص، وانتقل من رغبة إلى رغبة، ومن طلب إلى طلب، ومن ظلمة إلى ظلمة، وقد وجدنا ذلك بالذوق، حتى إنّ أحدهم ليصلي الصلوات كلها قضاء في وقت واحد، فإذا انفتح على قلبه باب ذكر الله تعالى تخلص من آفات الغفلة، وامتثل ما أمره الله به، واجتنب ما نهى عنه. انتهى.

قوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر (٣) أنّه ذرأ لجهنم كثيرا من الثقلين - الجن والإنس - وأبان أهم أسباب ذلك، وهي أن هؤلاء أفسدوا فطرتهم بإهمال مواهبهم من العقل والحواس، ثم أرشدنا إلى ما يصلح الفطرة من دعائه بأسمائه الحسنى .. أردف ذلك ببيان وصف أمة الإجابة، وثنى بذكر المكذبين من


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.