للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تدبيره، وإنّما يمتازون باختصاص الله تعالى إياهم بوحيه واصطفائهم لتبليغ رسالته لعباده، وجعلهم قدوة صالحة للناس في العمل بما جاؤوا به عن الله تعالى من الصلاح والتقوى والأخلاق الفاضلة.

قال الشوكاني: وفي (١) هذه الآية من إظهار العبودية، والإقرار بالعجز عن الأمور التي ليست من شأن العبيد، والاعتراف بالضعف عن انتحال ما ليس له صلى الله عليه وسلّم ما فيه أعظم زاجر، وأبلغ واعظ لمن يدعي لنفسه ما ليس من شأنها، وينتحل علم الغيب بالنجامة أو الرمل، أو الطرق بالحصى أو الزجر اه.

قال أبو حيان: وظاهر (٢) قوله: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} انتفاء العلم عن الغيب على جهة عموم الغيب، كما روي عنه: «لا أعلم ما وراء هذا الجدار إلا أن يعلمنيه ربي» بخلاف ما يذهب إليه هؤلاء الذين يدعون العلم بالمستقبل الغيبي، وأنّهم برياضة نفوسهم يحصل لهم إطلاع على المغيبات، وإخبار بالكوائن التي تحدث، وما أكثر ادعاء الناس لهذا الأمر، وخصوصا في ديار مصر، حتى إنّهم

لينسبون ذلك إلى رجل متضمخ بالنجاسة، يظل دهره لا يصلي ولا يستنجي من نجاسة، ويكشف عورته للناس حين يبول، وهو عار عن العلم والعمل الصالح. انتهى.

الإعراب

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥)}.

{وَاتْلُ} الواو: عاطفة، {اتْلُ}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة معطوفة على العامل المقدر في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ} كما ذكره أبو السعود، {عَلَيْهِمْ}: متعلق بـ {اتْلُ}، {نَبَأَ الَّذِي}: مفعول به ومضاف إليه، {آتَيْناهُ آياتِنا}: فعل وفاعل ومفعولان، والجملة صلة الموصول، {فَانْسَلَخَ}: {الفاء}: حرف عطف وتعقيب، {انسلخ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على الموصول، {مِنْها}: متعلق به، والجملة معطوفة على جملة {آتَيْناهُ}، {فَأَتْبَعَهُ


(١) فتح القدير.
(٢) البحر المحيط.