للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكلب (١) حيوان معروف، ويجمع في القلة على أكلب، وفي الكثرة على كلاب، وشذوا في هذا الجمع، فجمعوه بالألف والتاء فقالوا: كلابات، وتقدمت هذه المادة في مكلبين، وكررناها لزيادة الفائدة {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ}؛ أي: تشد عليه وتطرده {يَلْهَثْ} يقال: لهث الكلب يلهث من باب قطع، لهثا بفتح اللام ولهثا بضمها ولهاثا بضمها أيضا إذا أخرج لسانه مع التنفس الشديد، وهي حالة له في التعب والراحة والعطش والري، بخلاف غيره من الحيوان، فإنّه لا يلهث إلا إذا أعيا أو عطش {ساءَ مَثَلًا} يقال ساء الشيء يسوء فهو سيء، إذا قبح، وساءه يسوؤه مساءة والمثل الصفة.

{وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها}. الذرء (٢) لغة: الخلق، يقال: ذرأ الله الخلق إذا أوجد أشخاصهم، والخلق التقدير؛ أي: إيجاد الأشياء بتقدير ونظام لا جزافا، والجن: الأحياء العاقلة المكلفة الخفية غير المدركة بالحواس. والقلب يطلق أحيانا على المضغة الصنوبرية الشكل في الجانب الأيسر من جسد الإنسان، وأحيانا على العقل والوجدان الروحي الذي يسمونه أحيانا بالضمير وهو محل الحكم في أنواع المدركات والشعور الوجداني لما يلائم أو يؤلم، وهو كثير بهذا المعنى في الكتاب الكريم كقوله: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}، {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨)}، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} وسر استعمال القلب في هذا المعنى: ما يراه الإنسان من انقباض أو انشراح حين الخوف والاشمئزاز، أو حين السرور والابتهاج. والفقه: العلم بالشيء والفهم له، وفسره الراغب بالتوصل بعلم شاهد إلى علم غائب، وقد استعمله القرآن في مواضع كثيرة بمعنى دقة الفهم، والتعمق في العلم ليترتب عليه أثره - وهو الانتفاع به - ومن ثم نفاه عن الكفار والمنافقين؛ لأنهم لم يدركوا كنه المراد مما نفى فقهه عنهم، ففاتتهم المنفعة مع العلم المتمكن من النفس.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.